من المعروف أن النوم الجيد خلال الليل مفيد للصحة النفسية والجسدية، غير أن دراسات أمريكية جديدة سلّطت الضوء على فائدة جديدة وهي ازدياد الشعور بالامتنان حيال الآخرين .
وبيّنت دراسات نشرها موقع (ساينس ديلي) الأمريكي أن النوم الجيد خلال الليل يزيد شعورنا بالامتنان حيال الآخرين .
وأجرت إيمي غوردون، وسيلينا تشن، من جامعة كاليفورنيا ببيركلي ثلاث دراسات لملاحظة الطريقة التي يؤثّر فيها نقصان النوم خلال الليل على الشعور بالامتنان .
في الدراسة الأولى، طلب من الأشخاص المشاركين في الاختبار إدراج 5 أشياء كانوا يشعرون بالامتنان حولها، فتبيّن أن الأشخاص الذين حظوا بنوم جيد في الليلة السابقة كانوا أكثر امتناناً من الأشخاص الذين لم يناموا بشكل جيد، علماً أن الباحثتين لجأتا إلى مؤشر نوعية النوم الذي يقيس نوعية ساعات النوم وعددها، من بين متغيرات أخرى، بهدف تقييم نوعية النوم في الليلة السابقة .
وفي دراسة ثانية، عمد المشاركون إلى تسجيل نوعية النوم التي حظوا بها في الليلة السابقة لمدة أسبوعين بالإضافة إلى شعورهم بالامتنان، فلاحظت الباحثتان تراجعاً في الشعور بالامتنان وازدياداً في الشعور بالأنانية لدى الأشخاص الذين يعانون نقصاً في النوم .
أما الدراسة الثالثة والأخيرة، فنظرت إلى الأزواج، ولاحظت أنهم يشعرون بامتنان أقل نحو الحبيب في حال كانوا هم أو حبيبهم، لا ينامون جيداً خلال الليل . وقالت غوردون إن “دراسة سابقة أظهرت أن الشعور بالامتنان يحسّن نوعية النوم الذي يحظى بها الشخص خلال الليل، غير أن دراساتنا بحثت عن أثر النوم في هذا الشعور، وهي، على حد علمنا، الأولى التي تظهر أن نوعية النوم السيئة خلال الليل تخفّض شعورنا بالامتنان حيال الآخرين، وهو شعور مهم يساعد على تشكيل الروابط الاجتماعية والحفاظ عليها” .
وأضافت أن “الأشخاص قالوا إنهم شعروا بأن امتنان شريكهم لهم تراجع، في حال كانت نوعية نومهم أو نوم شريكهم خلال الليل سيئة، ما يفترض الاستنتاج أن نقص النوم ينتقل إلى الشريك” .
وأكّدت غوردون أن “نقص النوم لا يتم اختباره بشكل منفرد فحسب”، مضيفة “بل على العكس، فإنه يؤثّر في علاقاتنا مع الآخرين، وفي قدرتنا على الشعور بالامتنان مثلاً، وهو شعور حيوي اجتماعياً” .
وكانت دراسة أمريكية قد وجدت أن المراهقين الممتنين سعداء ولا يلجأون عادة إلى المخدرات والكحول، ولا يعانون مشاكل في السلوك .
ونقلت جمعية علم النفس الأمريكية في اجتماعها ال120 في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا الأمريكية عن كاتب الدراسة الرئيسي جاكومو بونو من جامعة ولاية كاليفورنيا قوله “استنتجت الدراسة التي أجريناها أن الامتنان أدى دوراً مهماً في سلامة المراهقين العقلية” .
وأشار بونو إلى أن “ازدياد الامتنان لدى المراهقين على مدى 4 سنوات انعكس إيجاباً على حياتهم على صعيد الاكتفاء، والسعادة، والإيجابية، والأمل” . واستندت الدراسة إلى استفتاء أجري في الصف على 700 طالب تتراوح أعمارهم بين 10 أعوام و14 عاماً في بداية الدراسة، والقيام بالأمر عينه بعد 4 أعوام . وقام الباحثون بمقارنة النتائج التي حصل عليها الطلاب الأقل امتناناً والذين يشكلون 20% بنتائج الطلاب الأكثر امتناناً والذين يمثّلون النسبة عينها، واستنتجوا أن الطلاب الأكثر امتناناً وبعد 4 أعوام ازداد حسّهم بمعنى الحياة بنسبة 15%، وازداد رضاهم بحياتهم في المنزل والمدرسة بنسبة 15%، وأصبحوا أكثر سعادة وأملاً في حياتهم بنسبة 17%، وتراجعت سلبيتهم بنسبة 17%، وأخيراً انخفضت أعراض الاكتئاب لديهم بنسبة 15% .
وقال بونو “حتى لو لم يكن المراهقون ممتنين في البداية، يمكن لحياتهم أن تتحسّن في حال ازداد امتنانهم على مدى سنوات الدراسة الأربع”، مضيفاً “أظهر المراهقون (الممتنون) تراجعاً ضئيلاً في العادات المنحرفة، مثل تناول الكحول وتعاطي المخدرات والغش في الامتحانات، وتراجع المرات التي لا يذهبون فيها إلى المدرسة، وانعدام المرات التي يحتجزون فيها” .
كما وجد باحثون أمريكيون أن اللفتات الطيبة يمكن أن تزيد من متانة العلاقة الرومانسية إذا عبر الشريك عن امتنانه .
وقالت المعدة الرئيسية للدراسة الدكتورة سارة ألغو من جامعة كارولاينا الشمالية وزملاؤها إن الناس يقومون بأشياء لبعضهم بعضاً لكن هذا لا يعني أن الشعور بالامتنان سيظهر .
وأضافت ان الشريك قد لا يلاحظ لفتة طيبة من شريكه أو ان أحد الطرفين قد يبدي تفاعلاً معيناً عند تلقي خدمة من شخص ما بما في ذلك الامتعاض أو سوء الفهم أو الشعور بأنه مدين له .
واعتبرت ألغو أن تخطيط شريك لإقامة وجبة طعام احتفالية أو أخذه الأطفال إلى حديقة الحيوانات ليرتاح الشريك الآخر أو بذل جهد معين لتحضير القهوة هي كلها تصرفات تعبر عن الامتنان ويمكنها أن تقوي العلاقة إذا شعر من يقوم بها أن الطرف الآخر ممتن بالفعل .
وراقب الباحثون 65 زوجاً في علاقة جيدة ودققوا في التقلبات اليومية التي تشهدها العلاقة لجهة الرضا والارتباط . وتبين في الدراسة، التي ستنشر في عدد مجلة “علاقات شخصية” في يونيو/ حزيران المقبل، ان تأثير اللفتات الطيبة الإيجابي على العلاقة يصبح ملحوظاً حتى بعد يوم واحد من الشعور بالتعبير عن الامتنان . لكن الباحثين حذروا من أنه في حال شعر الشريك بأنه مدين للآخر، وعليه أن يرد على اللفتة الطيبة بأخرى مثلها، فلن يكون لهذه التصرفات أية فوائد على العلاقة .