إشارات مسبقة تنذر بتوقف القلب المفاجئ
ينبغي عدم تجاهلها إنقاذا للحياة
* كمبردج (ولاية ماساشوستس الاميركية): «الشرق الأوسط»
* ألم في الصدر وضيق في التنفس وبعض الاشارات التحذيرية الاخرى الشائعة، غالبا ما تسبق توقف القلب المفاجئ.
وتوقف القلب المفاجئ هي «صورة هوليوودية» للأزمات القلبية عندما يقبض شخص في منتصف العمر على صدره ثم يرتمي على الارض قبل ان يسلم الروح. وهذا امر كارثي شائع ومميت. كما وان نسبة 20 في المئة من جميع الوفيات في الولايات المتحدة كل سنة سببها توقف القلب المفاجئ، والناجون منها لايتعدون الخمسة في المئة.
ومفهوم توقف القلب المفاجئ كما يدل الاسم هو الذي يأتي بشكل مفاجئ كضربة غير متوقعة ابدا. واظهرت دراسة دقيقة اجراها باحثون المان انها اشبه بالبرق، او الوميض المفاجئ، الذي تسبقه عادة الغيوم الداكنة والرياح والامطار.
ودراسة مثل هذه الازمات ليست بمثل هذه السهولة لكونها قاضية بشكل عام. ولا يمكن سؤال الضحايا بما شعروا قبل حدوث الازمة، لكن سؤال الشهود الذين كانوا قربهم قد يساعد، لكنه غالبا ما يحدث بعد ايام من الحادث، او اسابيع بعد ان تخف الذاكرة، او يشوبها التشوش.
وكان الباحثون في جامعة برلين قد حاولوا ملء الفراغات والإجابة على بعض الاسئلة التي ما زالت مجهولة، عن طريق الطلب من الاطباء الذين يعملون كجزء من فرق الاسعاف والطوارئ في المدينة، ان يقابلوا الشهود الذين يكونون موجودين اثناء حصول الحوادث واستجوابهم. كما سجل الاطباء ايضا مكان حصول الحوادث، وما اذا كان قد بوشر بعملية الانعاش القلبي الرئوي CRP مع الحصول على كل المعلومات التي تخص الضحية. والذي استوعبوه من هذا كله، كان اكثر تعقيدا وتشويشا، واكثر ازعاجا واثارة ، وهو صورة حية لحوادث توقف القلب القلبية المفاجئ. وكان الاطباء قد جمعوا معلومات تتعلق بـ 406 حالات من توقف القلب، ثلثا الحالات منها شاهد احدهم، او سمع الضحية وهي تنهار وتسقط على الارض. وهذا الشخص كان في غالب الحالات احد افراد العائلة، لكون ثلاثة ارباع هذه الحوادث تحصل عادة في المنازل.
* إشارات تحذير وكانت الاشارات التحذيرية هي ذاتها وشائعة بين الاشخاص الذين شاهد الآخرون حصول الازمة القلبية لديهم، وقد اشتملت على ألم في الصدر، وضيق في النفس، وغثيان، أو تقيؤ، ودوخة. وبعضهم حدثت له مثل هذه الاشارات ساعات قبل الازمة القلبية. وفي 90 في المئة من الحالات استمرت الاعراض لمدة خمس دقائق على الاقل. فقط 25 في المئة من الضحايا حصلت لهم الازمة بشكل مفاجئ ولم تسبقها اي اعراض. وقد جرى نشر النتائج في اوائل شهر سبتمبر الماضي.
ورغم ان الازمة القلبية تكون احيانا الاشارة الاولى التي تنم عن مرض قلبي، الا ان اغلب الضحايا كانوا يشكون من بعض اشكال الامراض القلبية والشريانية. وهذا ما اظهرته هذه الدراسة، لان ثلثي اولئك الذين انهاروا كانوا قد شخصوا قبل ذلك بإصابتهم بأمراض قلبية، او كانوا قد نجوا من حادث سابق لتوقف القلب، او كانوا يشكون من ذبحة قلبية (خناق الصدر)، او علامات اخرى لأمراض قلبية. ومن الاكتشافات المزعجة في هذه الدراسة ان الاشخاص الذين انهاروا في منازلهم كانوا الاقل احتمالا في الحصول على انعاش CRP من اولئك الذين انهاروا في الاماكن العامة، اذ جرى الشروع بالإنعاش في 11 في المئة من الحوادث في المنازل مقارنة بـ 26 في المئة في الاماكن العامة. ويرى الباحثون ان سبب ذلك يعود الى احتمالات وجود احد المتدربين على عمليات الانعاش هذه في الاماكن العامة ومنها في المنازل.
ويستخدم اصطلاح «النوبة القلبية» غالبا لتغطية حدثين مختلفين. لكن على الصعيد التقني تعني النوبة القلبية الاحتشاء العضلي القلبي. وهذا يعني تلف، او موت العضلة القلبية الذي يحصل عندما تسد خثرة دموية شريانا يروي جزءا من القلب. ويستمر القلب في النبض حتى ولو شرع الجزء المحاصر بالتباطؤ، أو العمل بشكل متقطع.
* النوبة القلبية والنوبة القلبية التي تكون عادة نوبة قلبية كبيرة Massive Heart Attack عبارة تستخدم احيانا ايضا لوصف توقف القلب. وفي مثل هذه الحالة فان القلب برمته يتوقف عن ضخ الدم الى الجسم. وتنبع جميع حوادث توقف القلب من عطل كهربائي يسبب في جعل الحجرتين السفليتين القويتين للقلب، اي البطينين الايمن والأيسر بالنبض والخفقان بسرعة كبيرة (تسرع القلب البطيني)، أو بسرعة وبشكل مضطرب (الرجفان البطيني). وتكون عمليات انقباض القلب قريبة الواحدة من الاخرى بحيث ان القلب لا يستطيع اراحة نفسه مدة كافية لكي يمتلئ بالدم من جديد. وهنا تتوقف الدورة الدموية. ويسبب نقص الاوكسجين انتفاض العضلات وانقلاب العينين وزوغانهما. وتوقف حتى جميع نشاطات الجسم في اقل من دقيقة. والامل الوحيد للانقاذ هو الشروع في عملية الانعاش CRP واتباعها بصدمة كهربائية من آلة الانعاش الكهربائية لإعادة القلب الى ايقاعه ووتيرته العادية.
وتوقف القلب المفاجئ قد يضرب الاشخاص الاصحاء احيانا الذين لم ينتابهم القلق ولو للحظة من حالتهم القلبية. لكن تكون هناك عادة نوع من المشاكل غير الظاهرة قابعة في الصميم، كتلف الشرايين المتراكم التي اغلقها الكوليسترول، او ضغط الدم العالي الذي هو من اكثر الاسباب شيوعا، فالشرايين الضيقة او المتصلبة قد تجد صعوبة في تزويد القلب بالدم الكافي الغني بالاوكسجين الذي يحتاجه. ونقص الاوكسجين بسبب الاحتشاء العضلي القلبي قد يدفع القلب نحو نبض ايقاعي خطير. كما وان التغيرات المخفية غير الظاهرة في حجم، او الكتلة العضلية للبطينين قد تسبب تماسا للتوصيلات الكهربائية الحيوية. كذلك فان الحالات الوراثية قد ينتج عنها اضطرابات كهربائية قد تؤدي ايضا الى الوفاة المفاجئة بسبب القلب.
ان دراسة برلين هذه تقدم لك ما يمكنك ان تتعلمه والعمل بموجبه، وهي اشارات التحذير من الاحتشاء القلبي العضلي. وكنا قبلا ندرك اهمية هذه الانذارات وضرورة الوصول الى المستشفى بسرعة. وكلما اجري التشخيص بسرعة، كلما شرع في العلاج بسرعة ايضا، وبالتالي يكون الاحتمال اقل في قيام النوبة بإتلاف عضلة القلب بشكل دائم. وتبين أن الكثير من حوادث توقف القلب المفاجئ قد سبقتها اشارات تحذيرية كالتي تصاحب الاحتشاء العضلي القلبي البطيء.
ونحن لسنا في مصاف تخويف الاخرين من شيء قد لا يتعدى سوء هضم، أو حالة توتر، او اي امر تافه اخر. لكن الادراك بعدم الشعور بالراحة في بعض الاحيان قد تنقذ في حالات كثيرة قلبك وحياتك معا.
* خدمة هارفارد الطبية ـ الحقوق: 2005 بريزيدانت* هارفارد آند فيلوز ـ كلية هارفارد