القلب يعقلـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام ديناً، ونصب لنا الدلالة على صحته برهاناً مبيناً، وأوضح السبيل إلى معرفته واعتقاده حقاً يقيناً، ووعد من قام بأحكامه وحفظ حدوده أجراً جسيماً، وذخر لمن وافاه به ثوابا جزيلا وفوزاً عظيماً، وحكم سبحانه بأنه أحسن الأديان،
ولا أحسن من حكمه ولا أصدق منه قيلاً فقال:
(ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليل).
أما بعد
هل تبادر إلى أذهاننا يوماً ما، ما هو الفرق بين كلمة القلب و الفؤاد ؟؟؟
لا أظن ذلك فالناس غالباً لا تدرك معاني الألفاظ.
قال الله تعالى ((أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)) الحج 46،
فالقلب بمعنى العقل هو الحاكم الأول و الأخير على ما يعرض على الإنسان من أفعال يجب عليه القيام بها من شر و خير،
قال الله تعالى "((أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)) الحج 46
هذه الآية دلالة قاطعة على إعجاز القرآن الكريم فالمقصود بالقلب الأول هو العقل كما هو موجود في كل القرآن الكريم من أوله إلا آخره.
ولكن هل المقصود في القول الثاني هو العقل؟
لا بل هو القلب المتداول الآن ولهذا بين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية تبيان جليا فقال التي في الصدور لأن القرآن عندما يتكلم عن القلوب إنما يقصد القلوب التي في الرؤوس أما هنا فأراد أن يوضح هذه المرة أن القلوب التي تعمى هي التي في الصدور وليست التي في الرؤوس فالقلوب التي في الرؤوس ربما لا تفقه وربما لا تفكر ولكن إن فكرت وعرفت الحقيقة لا تتبع هذه الحقيقة لأن القلب الذي في الصدر يرفض الإتباع لهذا نجد أن الهداية منقسمة إلى قسمين هداية الدلالة وهي محلها القلب الذي في الرأس وهداية التوفيق أو القبول وهي محلها في القلب الذي في الصدر .
وحقا كما قال ربنا عز وجل"فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)) تعمى عن الموعظة والخشوع..........
والآن سؤال آخير لماذا يسمى العقل قلبا؟
الجواب قبل أن تعرف لماذا يسمى العقل قلبا يجب أن تعرف لماذا يسمى القلب الذي في الصدر قلبا .....
يسمى القلب الذي في الصدر قلبا لأنه كثير التقلبات من خير إلا شر ومن حسد إلى حب ومن إيمان إلا كفر ومن عفاف إلى شهوات بذيئة وهكذا أيها الإخوة
وسمي العقل بالقلب لأنه يقلب الحقائق وتقلب عليه الحقائق فأحيانا يرى الحق باطل والباطل حقا وهكذا فيا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب
ولعلنا نذكر حديث الحبيب المصطفي (صلي الله عليه وسلم )
(الا ان في الجسد مدغه اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب )
صدقت يا رسولنا الحبيب الكريم
فاللهم اجعل قلوبنا عامره بذكرك واسررارنا خاضعه لطاعتك انك علي كل شيء قدير
وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه وسلم