من روائع الأدب العالمــي
" نظرة على دون كيشوت"
تعد رواية "دون كيشوت" واحدةً من روائع الأدب العالمي. وهي تتحدث عن رحلاتٍ يقوم بها مسنٌ مجنون يعتقد أنه فارس من الفرسان يهجر قريته لامانشا بحثاً عن مغامرةً على الطرق العامة في قرى اسبانيا في القرن السابع عشر.
تمتاز الرواية بجانبٍ كبيرٍ من الظرف، وفيها تعليق سياسي واجتماعي أصيل، وتصل إلى مستوى متقدم من الكشف عن الطبائع البشرية. ويسعى المؤلف فيها إلى استكشاف معالم الحب والخيال والأخلاق والتقاليد الاجتماعية والطبقية والكرامة والعلاقة بين الفن والطبيعة.
كانت رواية "دون كيشوت" منذ نشرها مصدر إلهام لعظماء الكتاب والفنانين والمؤلفين الموسيقيين من أمثال : ويليام فوكنر وفيودور دوستوفسكي وبابلو بيكاسو وسلفادور دالي وفريدريك مندلسون وريتشارد شتراوس ,
ومازالت الرواية تعتبر اليوم كما كانت تعتبر في الفترة التي نُشرت فيها عملاً ملهماً إلى حدٍ كبير يتمتع بما يجب أن تتمتع به الرواية من عمق في الفكرة وتعقيد في المعالجة.
ولد سيرفانتس في قرية صغيرة قريبة من مدريد عام 1547، وكان أبوه طبيباً جراحاً استلزم عمله انتقاله في مختلف أنحاء البلاد بصحبة الأسرة كلها.
وفي عام 1569 سافر سيرفانتس إلى إيطاليا ليخدم في بيت أحد النبلاء. وبعد ذلك بعامٍ انضم إلى الجيش الأسباني , وخدم في إيطاليا وسُجن في الجزائر خمس سنوات. وعاد إلى أسبانيا عام 1580. وعندما كان في السابعة والثلاثين تزوج من سيدة تصغره بعشرين عاماً، وبعد ذلك بفترة قصيرة تسلّم منصباً حكومياً في جنوب أسبانيا.
وفي عام 1585 نشر سيرفانتس عمله النثري الاول ,
وكتب بعد ذلك للمسرح وكتب القصة القصيرة. وعندما نشر الجزء الاول من "دون كيشوت" كان سيرفانتس كاتباً معروفاً على نطاق كبير. وحظيت الرواية باستقبالٍ حافلٍ من جمهور القراء.
ونشرت في ست طبعات في السنة الأولى من ظهورها. وترجمت إلى الفرنسية والانكليزية مما جعل سيرفانتس معروفاً عالمياً.
وفي السنوات التي أعقبت ذلك نشر سيرفانتس مجموعة من القصص القصيرة وقصيدة ساخرة وعدداً من الأعمال المسرحية بالإضافة إلى الجزء الثاني من "دون كيشوت".
تدور احداث "دون كيشوت" حول سيد أسباني من سادة الأرياف اسمه الونسو كيانا مولعٌ بقراءة الكتب التي تبحث في الفروسية. ويقضي وقته كله في مطالعة قصص الفرسان والسحرة والفتيات إلى ان يفقد صوابه. ويُقنِع نفسه بأنه فارس حقيقي. ويجد نفسه على صهوة جواد, ويسمي نفسه "دون كيشوت لا مانشا".
ويصطفي لنفسه سيدة من سيدات الأرياف اسمها الدونزا لورنزو تعمل في تقديد لحوم الخنازير ويطلق عليها لقباً نبيلاً.
بعد ذلك ينطلق في مغامراته، حالماً بالشهرة والمجد. ويقنع رجلاً ريفياً أمّياً اسمه سانشو بانزا بمصاحبته مقابل وعد قطعه على نفسه بتعيينه حاكماً لإحدى الجزر بعد حملاته الجريئة.
في الجزء الاول من الرواية نقرأ عن مغامرات دون كيشوت وخادمه وفيها يصممان على حماية المساكين وهزيمة الأشرار. وفي الجزء الثاني، وهو أشد تعقيداً، نقرأ كيف أن رجلين من القرية نفسها يحضران دون كيشوت لمعالجته من الجنون.
ينتقد سيرفانتس في روايته الفكرة التي كانت سائدة ومؤداها أن الارستقراطيين طبقة محترمة ونبيلة. ويصور الفلاحين تصويراً فيه كثير من الإعجاب بحكمتهم بالرغم من تدني أوضاعهم الاجتماعية.
في الحقبة الرومانتيكية في أواخر القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر اعتبر النقاد دون كيشوت بطلاً رومانسياً. وفي أسبانيا بالتحديد اعتبر دون كيشوت رمزاً ثقافياً.
واهتم النقّاد في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بدون كيشوت باعتباره دراسة نفسية من طراز فريد.
وفي أواخر القرن العشرين تحول اهتمام النقاد من البطل إلى بناء الرواية، واعتبر كثيرون منهم الرواية مثالاً لعمل كاتب مدقق يعرف ما يريد تحقيقه.
تحياتي لكم جميعاً ,,
وإلى لقاءٍ قريب..