البشاراتُ بالإسلامِ في الكتبِ المقدَّسةِ ـ مملكة اللهِ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ ، اللهمَّ صلِّي على عبدكَ ونبيكَ وخليلكَ الناطقِ بوحيكَ ، والذي جعلتهُ لسان الصِّدقِ الابديِّ ، سيدّنا مُحَمَّد وعلى آلهِ وأزواجهِ وذريِّتهِ وباركْ وسلِّم , كما تحبهُ وترضاهُ آمين.
وبعد :-
فتفضلوا معي أيها ألاكارم ، للاطلاع على هذه النفحات المباركة ، ومع البحث في البشاراتِ بالإسلامِ في الكتبِ المقدسةِ ـ مملكة اللهِ ، والتي تفضل بها الباحث الاستاذ الدكتور : [ الأستاذ هشام طلبة / الباحث في الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة ] ، غفرَ اللهُ تعالى لهُ ولولديهِ ، ولنا ولوالدينا ، ولجميعِ المسلمينَ آمين.
فقد ذُكر في آخرِ النبوءةِ السابقةِ المدونةِ ، في كتابِ [ "عهد موسى" ] ، " ثم تظهر مملكته ( مملكة الله ) في كلِّ مكانٍ منْ خلقهِ ".
فما هي مملكةُ اللهِ ؟ وما هي علاماتها ؟
{ مملكةُ اللهِ أو مملكةُ الربِّ أو مملكةُ السماءِ } ، في التوراةِ ، كلّ هذا يعني بلا ريبٍ ، [ الدولة التي تحكم بشرعِ اللهِ ، ويعيش فيها المؤمنونَ بهِ وبكتبهِ وأنبيائهِ ، ويقتفون أثرهم ، هي إذن الدولة الإلهية ] ، يؤيد ُذلكَ النصوص الآتيةِ : -
[{ ... أصطفى سليمان ابني ليجلسَ على عرشِ ملك الربِّ على إسرائيل ( أخبار أيام أول 28 : 5 ) }].
[{عرشك يا الله إلى دهرِ الدهورِ وصولجانِ ملككٍ عادلٍ ومستقيمٍ ( مزامير45:6 ) }].
ومثل ذلكَ ، كثيرٌ في العهدِ القديمِ ( التوراة ) ، وقد وردتْ في الأصلِ بصيغةِ " مملكة " كما وردتْ بصيغةِ " ملكوتا " الآرامي [1] . وصيغة " ملكوت " ، أما في العهدِ الجديدِ ( الأناجيل و الرسائل الملحقة ) فلمْ تردْ ، إلا بصيغةِ المبالغةِ " ملكوت " في الترجماتِ العربيةِ ، ذلكَ لأنَّ مفهومَ ، مملكة السماءِ ، عندهم أنها روحيةٌ غير مادية ، في تناقضٍ واضحٍ ، مع العهدِ القديمِ ، ويدعونَ أنَّ المسيحَ عيسى ، عليهِ السلام ، طلبَ منْ تلاميذهِ ، ومنْ غيرهم ، ألا يظهروه لوجودِ الفرقِ بينَ الهوة السحيقةِ ، بينَ ما كانَ يعتقدهُ اليهود ، عنْ المسيا ، وبينَ ما يفهمهُ هو منْ عملِ المسيا ، وعندما يموتُ ويقدمُ منْ مجدٍ ، عندئذٍ يستطيع التلاميذ ، أنْ يعلنوهُ أنهُ هو المسيا المُخلّص [2] ، ويا لهُ منْ رأىٍ عجيبٍ ، أليسَ منْ عملِ الأنبياءِ ، توضيح الأمور المُبهمةِ للناسِ أمْ العكس ، وأليسَ منْ عملِ الكتبِ السماويةِ ذلكَ أيضاً ؟ ثم لماذا يقبل النصارى ، هذا التناقض الواضحِ ، في العهدِ القديمِ ( التوراة ) ومع ذلكَ يُقدسونهُ ويضمونهُ لكتابهم المُقدَّسِ ؟ والأعجب أنهم يتكلمونَ بعدَ ذلكَ ، عنْ فقراتٍ في العهدِ القديمِ ، تتكلم عنْ مسيحٍ مُتألمٍ ( شعيا 52: 13، 53: 12) ويقولونَ هذهِ إشارة لصلبهِ وتألمهِ ؟! أليسَ هناكَ معنى للألمِ إلا الصلب ، ثم لماذا الآنَ تُوضّح التوراة ، هذا وتناقض ، أنَّ مملكةَ اللهِ روحيةٌ حسبَ زعمهم ؟ ، ويجدر بنا ، أنْ نُشيرَ إلى أنَّ قولَ النصارى ، في ملكوتِ السماواتِ ، ليسَ واحداً ، بلْ هناكَ ما لا يقلّ عنْ خمسةِ أقوالٍ :-
فمنهم مَنْ قالَ : [ أنَّ المسيحَ عيسى لمْ يُظهرْ الملكوت ، بلْ تنبأَ بهِ ، ومنهم مَنْ يقولُ أنهُ أعلنهُ كحقيقةٍ واقعةٍ [3] ] ، ومنهم مَنْ [ يراهُ سلطان المسيح المستمرِ بالصليبِ ] ، ومنهم مَنْ [ يراهُ الضمير ] ، ومنهم مَنْ [ يراهُ نزول الروح المُقدَّسِ على جماعتهم ، في اليومِ الخمسينِ ، لرفعِ المسيح ] ، ومنهم مَنْ [ يرى أنهُ لمْ ينوِ إقامة مجتمعٍ أرضيٍّ " ملك أرضى " ] ومنهم مَنْ يرى[ ( سابقي الألف سنة ) أنهُ جاءَ ليقيم ملكوت اللهِ على الأرضِِ ، وحاول ذلك بكلِّ جهدهِ ، ولكنْ لأسبابٍ دينيةٍ واجتماعيةٍ ، كفَّ عنْ هذهِ المحاولاتِ ، لأنهُ لمْ يستطعْ اقامته ، فأجلَّ الملكوت ، إلى حُكمِ الألف سنة ، عندَ مجيئهِ الثاني ، وأقام الكنيسة بدلاً منه [4] ].
ثم يختلفونَ ، في هذا الرأىِ الأخيرِ ، هلْ يأتي المسيح ، بعد ( الألف سنة أم قبلها ؟! ) [5] ، أما الاختلاف الأكبرِ ، فيأتي منْ طائفةِ اليسوعيينَ ، الذينَ يروا – وحدهم – أنَّ الملكوتَ (( ماديٌ )) وقدْ تحققَّ ، وهو الدولة البيزنطيةِ.
فيتضح مِمَّا سبقَ ، كمْ تلبَّسَ الأمر ، على النصارى ، في هذا المجالِ ( تفسير " مملكة الله " ) وكمْ هو غامضٌ ذلكَ ، لأنهم بُعدوا عنْ التفسيرِ الحقِّ ، فهي [[ الدولة الإلهية ]] التى يُقيمها ، نبىُّ آخرِ الزمانِ ، وتلتزم بشرعِ اللهِ ، ويعيش فيها الموحدونَ للهِ توحيداً خالصاً .
فصلٌ : عنْ تاريخِ ، ميلاد نبيّ آخرِ الزمانِ ، ونبوءاتِ ذلكَ ، فقدْ جاءَ في سفر إشعياء (29 : 12) هذا نصها : [ 12 أَوْ يُدْفَعُ الْكِتَابُ لِمَنْ لاَ يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَيُقَالُ لَهُ : « اقْرَأْ هَذَا» فَيَقُولُ : « لاَ أَعْرِفُ الْكِتَابَةَ » أي" مَا أَنَا بِقَارِئٍ " ] ومَنْ لا يعرف الكتابة ، فهو لا يعرف القراءة ، أليسَ هذا : هو عين ما نزل على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، في البداياتِ الأولى للوحي ، وجاءَ في سفرِ إشعياء : ( اَلإصْحَاحُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ ) : [ 13 وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ : فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ. 14هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ . وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ. 15 فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ. 16 فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ : « فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ 17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ » ] ، وقيدار كما وردَ ، في النصِّ هو أحدُ أبناءِ إسماعيل ، كما جاء في سفرِ التكوينِ ، ( الإصحاح الخامس والعشرون العدد الثالث عشر ) وتشير لمكة المكرمة ، [ 12وَهذِهِ مَوَالِيدُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، الَّذِي وَلَدَتْهُ هَاجَرُ الْمِصْرِيَّةُ جَارِيَةُ سَارَةَ لإِبْرَاهِيمَ . 13وَهذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي إِسْمَاعِيلَ بِأَسْمَائِهِمْ حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ : نَبَايُوتُ بِكْرُ إِسْمَاعِيلَ ، وَقِيدَارُ ، وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ 14وَمِشْمَاعُ وَدُومَةُ وَمَسَّا 15وَحَدَارُ وَتَيْمَا وَيَطُورُ وَنَافِيشُ وَقِدْمَةُ. 16هؤُلاَءِ هُمْ بَنُو إِسْمَاعِيلَ ، وَهذِهِ أَسْمَاؤُهُمْ بِدِيَارِهِمْ وَحُصُونِهِمْ . اثْنَا عَشَرَ رَئِيسًا حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ . 17وَهذِهِ سِنُو حَيَاةِ إِسْمَاعِيلَ : مِئَةٌ وَسَبْعٌ وَثَلاَثُونَ سَنَةً ، وَأَسْلَمَ رُوحَهُ وَمَاتَ وَانْضَمَّ إِلَى قَوْمِهِ. 18وَسَكَنُوا مِنْ حَوِيلَةَ إِلَى شُورَ الَّتِي أَمَامَ مِصْرَ حِينَمَا تَجِيءُ نَحْوَ أَشُّورَ. أَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ نَزَلَ.] ، وقدْ ذُكرتْ صفةُ الرسولِ مُحَمّد صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وأصحابه في التوراةِ ، ففي قولِ داود في المزمورِ ( الثاني والسبعين ) : [1اَللهُمَّ أَعْطِ أَحْكَامَكَ لِلْمَلِكِ وَبِرَّكَ لاِبْنِ الْمَلِكِ. 2يَدِينُ شَعْبَكَ بِالْعَدْلِ وَمَسَاكِينَكَ بِالْحَقِّ. 3تَحْمِلُ الْجِبَالُ سَلاَماً لِلشَّعْبِ وَالآكَامُ بِالْبِرِّ. 4يَقْضِي لِمَسَاكِينِ الشَّعْبِ. يُخَلِّصُ بَنِي الْبَائِسِينَ وَيَسْحَقُ الظَّالِمَ. 5يَخْشُونَكَ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ وَقُدَّامَ الْقَمَرِ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. 6يَنْزِلُ مِثْلَ الْمَطَرِ عَلَى الْجُزَازِ وَمِثْلَ الْغُيُوثِ الذَّارِفَةِ عَلَى الأَرْضِ. 7يُشْرِقُ فِي أَيَّامِهِ الصِّدِّيقُ وَكَثْرَةُ السَّلاَمِ إِلَى أَنْ يَضْمَحِلَّ الْقَمَرُ. 8وَيَمْلِكُ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ. 9أَمَامَهُ تَجْثُو أَهْلُ الْبَرِّيَّةِ وَأَعْدَاؤُهُ يَلْحَسُونَ التُّرَابَ. 10مُلُوكُ تَرْشِيشَ وَالْجَزَائِرِ يُرْسِلُونَ تَقْدِمَةً. مُلُوكُ شَبَا وَسَبَأٍ يُقَدِّمُونَ هَدِيَّةً 11وَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ الْمُلُوكِ. كُلُّ الأُمَمِ تَتَعَبَّدُ لَهُ 12لأَنَّهُ يُنَجِّي الْفَقِيرَ الْمُسْتَغِيثَ وَالْمَِسْكِينَ إِذْ لاَ مُعِينَ لَهُ. 13يُشْفِقُ عَلَى الْمَِسْكِينِ وَالْبَائِسِ وَيُخَلِّصُ أَنْفُسَ الْفُقَرَاءِ. 14مِنَ الظُّلْمِ وَالْخَطْفِ يَفْدِي أَنْفُسَهُمْ وَيُكْرَمُ دَمُهُمْ فِي عَيْنَيْهِ. 15وَيَعِيشُ وَيُعْطِيهِ مِنْ ذَهَبِ شَبَا. وَ يُصَلِّي لأَجْلِهِ دَائِماً . الْيَوْمَ كُلَّهُ يُبَارِكُهُ. 16تَكُونُ حُفْنَةُ بُرٍّ فِي الأَرْضِ فِي رُؤُوسِ الْجِبَالِ. تَتَمَايَلُ مِثْلَ لُبْنَانَ ثَمَرَتُهَا وَيُزْهِرُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ مِثْلَ عُشْبِ الأَرْضِ. 17يَكُونُ اسْمُهُ إِلَى الدَّهْرِ. قُدَّامَ الشَّمْسِ يَمْتَدُّ اسْمُهُ. وَيَتَبَارَكُونَ بِهِ. كُلُّ أُمَمِ الأَرْضِ يُطَوِّبُونَهُ. ].
ولنتكلم الآنَ عنْ نبوءاتِ ، تاريخ مُلكِ نبيّ آخرِ الزمانِ ، وهو أوضح ما يكون في التوراة في سفر دانيال ، ( الفصل الثاني ، الأعداد 31 -45 ) : [[ " رأيتُ أيها الملك وإذا بتمثالٍ عظيمٍ ضخمٍ كثير البهاءِ واقفاً أمامكَ وكانَّ منظرهُ هائلاً . وكانَ رأسُ التمثالِ منْ ذهبٍ نقيٍّ ، وصدرهُ وذراعاهُ منْ فضةٍ ، وبطنهُ وفخذاهُ منْ نحاسٍ ، وساقاهُ منْ حديدٍ ، وقدماهُ خليطٌ منْ حديدٍ ومنْ خزفٍ . وبينما أنتَ في الرؤيا انقض حجرٌ لمْ يُقطع بيدِ إنسانٍ ، وضربَ التمثالَ على قدميهِ المصنوعتينِ منْ خليطِ الحديدِ والخزفِ فسحقهما فتحطم الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معاً ، وانسحقتْ وصارتْ كعصافةِ البيدرِ في الصيفِ ، فحملتها الريح حتى لمْ يبق لها أثر . أما الحجر الذي ضربَ التمثالَ فتحوَّلَ إلى جبلٍ كبيرٍ وملأ الأرض كلها . هذا هو الحُلم . فما تفسيره ؟؟؟؟ فهذا ما نخبر بهِ الملك : أنتَ أيها الملك هو ملك الملوك ، لأنَّ إلهَ السماواتِ أنعمَ عليكَ بمملكةٍ وقدرةٍ وسلطانٍ ومجدٍ ، وولاكَ وسلطكَ على كلِّ ما يسكنه أبناءُ البشرِ ووحوش البرِ وطيورِ السماءِ . فأنتَ الرأس الذي منْ ذهبٍ . ثم لا تلبث أنْ تقوم منْ بعدكَ مملكة أخرى أقلّ شأناً منكَ ، وتليها مملكة ثالثة أخرى ممثلة بالنحاس فتسود على كلِّ الأرضِ . ثم تعقبها مملكة رابعة صلبة كالحديد الذي يدق ويسحق كلّ شيءٍ . وكما رأيت أنَّ القدمينِ والأصابع هي خليطٌ منْ خزفٍ وحديدٍ ، فإنَّ المملكة تكون منقسمة فيكون فيها منْ قوَّةِ الحديدِ ، بمقدار ما شاهدت فيها منْ الحديدِ مختلطاً بالخزفِ . وكما أنَّ أصابع القدمين بعضها منْ حديدٍ والبعض منْ خزفٍ ، فإنَّ بعضَ المملكة يكون صلباً والبعض الآخر هشاً . وكما رأيت الحديد مختلطاً بخزف الطينِ ، فإنَّ هذه المملكة تعقد صلات زواج مع ممالك الناس الأخرى ، إنما لا يلتحمونَ معاً ، كما أنَّ الحديدَ لا يختلط بالخزفِ . وفي عهدِ هؤلاءِ الملوك يقيم إله السماواتِ مملكةٌ لا تنقرض إلى الأبدِ ، ولا يترك ملكها لشعب آخر، وتسحق وتبيد جميع هذه الممالك . أما هي فتخلد إلى الأبدِ " ]] ، يشرح النبىّ دانيال هنا ويفسر حلماً ، للملكِ ( نبوخذ نصر البابلي ) الذي خرَّبَ أورشليم – بيت المقدس – في القرنِ السادسِ قبلَ الميلادِ ، وأخذَ اليهود سبايا ، لم يختلف مُفسرٌ قديمٌ أو حديثٌ على أنَّ المملكةَ الأولي ، هي مملكة بابل ، أما الخلاف فسيكون بين المتأخرينَ والمحدثينَ ، في تفسيرِ الممالكِ الأخرى ، حيثُ يُفسِّرُ علماء الكتابِ الحاليينَ المملكة الثانية ، بمملكةِ فارسِ والثالثة مملكة ميديا [6] ( مع أنَّ فارسَ وميديا مملكة واحدة ) والمملكة الرابعة مملكة اليونان ، اختلفَ مع هذا التفسير منْ المحدثين الطبعة القديمة لطبعة اليسوعيينَ للكتابِ المُقدَّسِ ، حيث ترى المملكة الثانية هي مملكة فارس وميديا [7]والمملكة الثالثة اليونان والرابعة الرومان ، وهذا التفسير الأخير يتفق وكتب الآباء الأولين [8] وكتب السوديبيجرافا(*) ، ففي سفر عزرا الرابع [9]، وهو سفرٌ هامٌ دخل في نصٍ ، منْ أهمِ نصوصِ العهدِ القديمِ ( الفولجاتا – النص اللاتيني ) – كملحقٍ – لكنهُ اختفى في النصوصِ اللاحقةِ [10] ، في هذا السفرِ ، تفسر لنا رؤيا رآها عزرا نفسهُ ، حيث رأى نسراً يخرج منْ البحرِ ، هذا النسر : فسر على أنه المملكة الرابعة التي تكلم عنها دانيال ( سفر عزرا الرابع – الفصل 12 العدد 11-13 ) والنسر كما نعلم هو رمز الإمبراطورية الرومانية ، وهذا أيضاً تفسير العلامة " تشارلز " الذى استعرنا من كتابهِ نصوص سفر عزرا الرابع ( ص 569 ) ، بل إنَّ التلمودَ نفسهُ “ T.B. Aboda Zara Ib ”أوَّلَ تلكَ المملكة الرابعة على أنها الإمبراطورية الرومانية [11] ، ومنْ الكتبِ الأُخرى التي تذكر ، أنَّ المملكة الرابعة هي الإمبراطورية الرومانية ، التي سيحطمها النَّبىّ المنتظر " الميدراش " "بسكيتا رباتي " ( 88 ، 5 – 6 ) وكتاب المؤرخ اليهودى القديم " بوسيفوس " " العاديات اليهودية " الجزء الثاني (5/2) ، كذلك " ترجوم يروشالمي " ( تكوين 40 ، 20 ) ،
(Vol. II. P. 62. The legends Of The Jews) ، لماذا إذنْ يُفسِّرُ مفسرو العصر الحالي ، منْ علماءِ أهلّ الكتابِ المملكة الرابعة ، على أنها المملكة اليونانية ، مخالفينَ في ذلكَ ، كتبهم المُقدَّسة وشبه المقدسة ؟ ، يتضح منْ نصِ دانيال ( 2/31 – 45 ) أنَّ المملكة الرابعة : ستتحطم على يدِ مملكةِ السماءِ ( دولةُ النَّبيِّ المُنتظرِ ) ، فلمَّا رأى اليهود المعاصرونَ لنهايةِ الإمبراطورية الرومانية ، وما بعدها أنَّ الإمبراطوريةَ ، قد تحطمتْ دون أنْ يظهر المسيا ( حسب اعتقادهم ) قالوا : المملكة الرابعة ، لمْ تأتِ بعد ، وكذلكَ النصارى ، قبل تحطيم الإمبراطورية قالوا : سيأتي يسوع ( المسيح عيسى ) مرَّة أُخرى ليحطم الإمبراطورية الرومانية ( المملكة الرابعة حسب دانيال 2 و 7 ) ، مثل هذا القول نجده في كتاباتِ الآباءِ الأقدمينَ ، كيرلس الأورشليمي على سبيل المثال – فلما انتهت الإمبراطورية دون المجيء الثاني للمسيح عيسى ، لمْ يعد مقبولاً ، أنْ تكون الدولة الرومانية هي مملكة دانيال الرابعة ، وإلا صار محطموها – وهم غير المسيحيين – أتباع النَّبيِّ المنتظر ، ولم يعد يسوع نفسهُ ــــــــــ المسيا المنتظر ـــــــــــ فقالوا بتفسيرينِ :
التفسير الأول : [[ المملكة الأولى عند دانيال هي بابل والثانية فارس والثالثة ميديا (وفرقوا بين فاس وميديا مع أنهما مملكة واحدة) ، والرابعة اليونان – وهذا التفسير هو الأشهر الآن ]].
التفسير الثاني : [[ المملكة الرابعة هي فعلا الدولة الرومانية ]] ، وتحطمت فعلاً على يدِ أتباع يسوع ، ولكنْ كيفَ ؟ ، بأنْ تحطمتْ الوثنية وانتصرت المسيحية في تلكَ الدولةِ ، ذلك الرأي نجده في هامش دانيال ( 2:44-45 ) في الكتابِ المُقدَّسِ طبعة دار المشرق 1986 – وهذا التفسير يكاد ينقرض الآن ، اللهمَّ إلا طبعة التفسير التطبيقي 1997 ، التي رأتْ أنَّ الخزفَ والحديدَ ، يمثلان انهيار الإمبراطورية الرومانية ، فالواقع والتاريخ : يقولان إذنْ أنَّ المملكةَ الرابعة ، التي تكلم عنها دانيال ، هي الإمبراطورية الرومانية ، فمنْ تكون مملكة إله السماء ، التي تكلم عنها دانيال في نهاية النبوءةِ ؟
إنها الدولة التي حطمت الدولة الرومانية ، فمن تكون ؟ ، التاريخ يقول : إنها الدولة الإسلامية ، على ذلك هي دولة النَّبيِّ المُنتظر صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، الذي يجب أنْ يكون إذن [[[ مُحَمَّداً صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ]]] ، فنبوءة دانيال هذه وبتفسيرها ، الذي فسرنا له ما يؤيده في كتابٍ آخرٍ ، منْ الكتبِ السابقةِ للإسلامِ ، الزندافستا ( الكتاب المقدَّس عند الزرادشتيه – المجوس ) ، حيث يمثل تطور مستقبل الإمبراطورية الفارسية والديانة الزرادشتية بفروعِ شجرةٍ ، مُكوّنةٍ منْ معادنٍ مختلفةٍ ( مثل نبوءة دانيال ) ، الفرع الأول : منْ ذهبٍ ، يمثل العصر الذهبي ، وهو تحت حكم الملك Gushtasp، الفروع الفضية والفولاذية : ترمز لهرم ( انحدار ) الإمبراطورية ، أما الفرع الحديدى : فيرمز للكارثة العظيمة ، التى ستغمر ليس الإمبراطورية الفارسية وديانتها وحدها ، بلْ العالـم كلـّه ، سوى انتصار الحقِّ والفضيلةِ في آخرِ الزمـانِ [12] ، أي أنَّ الحقَّ والفضيلةَ ، سينتصرانِ في آخرِ الزمانِ ، على الديانةِ الزرادشتيةِ وامبراطوريتها والممالك الأخرى ، والغريب أنْ يصف كتاب الزرادشتيةِ المُقدَّسِ ، مُحطم إمبراطوريتها بالحقِّ والفضيلةِ ، فَمَنْ حَطَّمَ الإمبراطورية الفارسية تماماً ، والممالك الكبرى المعاصرة لها ؟ إنهُ جيشُ العربِ ، أنهُ جيشُ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، انهُ جيشُ الحقِّ والفضيلةِ ( كما تصفه كتب الزرادشتية ) ، كما جاء في الكتب الزرادشتية بشاراتٌ تشيرُ ، إلى المكانِ الذي تظهر فيهِ ، دعوة مُحَمَّد صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، ومنْ ذلكَ :
" إنَّ أمّةَ زرادشت ، حينَ ينبذونَ دينهم ، يتضعضعونَ وينهض رجلٌ في بلادِ العربِ ، يهزم أتباعهُ فارس ويخضع الفرس المتكبرينَ ، وبعدَ عبادة النارِ ، في هياكلهم يولونَ وجوههم ، نحو كعبة إبراهيم ، التي تطهرتْ منْ الأصنام " ( من كتاب محمد في الأسفار العالمية " للأستاذ عبد الحق ) ، كما أنَّ نبوءةَ خلافة العربِ لملوكِ الفرسِ ، قد وردتْ في كتابِ الصابئةِ المُقدَّسِ ، " الكنزه ربه " في الكتابِ الثامنِ العشر [13] ، كما ذكر في نفسِ الكتابِ ، " كنزه ربه " أنَّ ملكَ العربِ المُسمَّى ( سيهولدايو ) أي تالي الأنبياء ، يخرج في زمنِ ملكِ الفرسِ أزدجر [14].
إيضاحات
(*) السوديبيجرافا : الترجمة الحرفية للكلمة تعنى الكتابات الكاذبة . ويقصد بها تلك الكتب التي نسبت إلى العهد القديم ( التوراة ) ولم يعترف بها فيما بعد مجمع " جمنيا " ( في أواخر القرن الأول الميلادي ) بالرغم من أن عدداً كبيراً منها قبل هذا التاريخ – بل وبعده أيضاً – كان ذا أثر بالغ وقداسة قاطعة عند طوائف عديدة ففي المجمع المذكور آنفاً ، اعتمدت بشق الأنفس أسفاراً متنازع عليها مثل ( استير – حزقيال – نشيد الإنشاد ) وكذلك سفر دانيال الذي اعترفت بسلطته طائفة الفريسيين اليهودية ، أما طائفة الصدوقيين اليهودية أيضاً فلم يعترفوا به دون شك ( المصدر السابق – المجلد الأول ص 49 ) أما بالنسبة لكتب التوراة عند النصارى ( العهد القديم ) فلم يسلموا بمجمع " جمنيا " اللهم إلا البروتوستانت . أما الغربيون منهم وشمال إفريقيا ، فانتظروا حتى القرن الرابع وأقروا ما في مجمع قرطاجنة المذكور من قبل . وأما الشرقيون منهم ( الكنائس الشرقية الناطقة باليونانية ) فلم يكن لها تنظيم شرعي ، على مر العصور إلى يومنا هذا . ( المصدر السابق ) ، وعلى الجانب الآخر ، هناك كتب كانت ذات شأن عظيم نسبت للتوراة وحذفت من القانون ( مجموع الكتب المعتمدة ) ( سوديبجرافا ) وإن اعترف أن لها شأنا عظيماً لبنيان المؤمن ( المصدر السابق ) هذه الكتب أمثال : ( سفر أخنوخ – اليوبيلات – رؤيا باروك – عهود الأسباط – عهد إبراهيم – عهد موسى – رؤيا إبراهيم – كتاب آدم وحواء ) ، هي كتب إذن يعتد بها ، وإن لم يسمح بالتعبد بها . ولم يدع أحد مطلقاً أنها دست على أهل الكتاب من غيرهم .
المصادر
[1] " ملكوت الله " د . فهيم عزيز ص10 / [2] المصدر السابق : ص 168 – 169 / [3]المصدر السابق : ص 33 / [4]المصدر السابق : ص 205 / [5]المصدر السابق : ص 248 / [6] حواشي الكتاب المقدس – دار المشرق – الطبعة 1989 / [7] حواشي الكتاب المقدس – دار المشرق 1986 / [8] "كيرلس الأورشليمي 314م -387م- العظات – رابطة معاهد اللاهوت في الشرق الأوسط – تعريف الأب جورج نصور. ص 196 العصا من حديد من 2/7 – 9 ترمز بوضوح إلى المملكة الرومانية التى يتحدث عنها دانيال أيضاً / [9] “The Apocrypha and Pseudepigrapha of the old testament” Charles ، أهم نصوص سفر عزرا الرابع النص اللاتينى ويوجد كذلك السرياني والأثيوبي والعربي والأرامي. أقدم مخطوطاته ترجع للقرن التاسع وقد كتب في الأصل بالعبرية عام 100م مقدمة هذا السفر في الكتاب سالف الذكر / [10] االمرجع السابق – ص 542 / [11] المرجع السابق – ص 613 هامش / [12] P. 423: Dhalla: History of Zoroastrianism By t. 1.2-5;2.14 Zend Avesta / [13] "الصابئة المندائيون" ص 65 – الليدى دراور / [14] مندالى" ص 26 – عبد الحميد بن بكر / مصدر الصور: موقع الموسوعة الحرة http://en.wikipedia.org/wiki/Roman_Empire
تم نقله والتصرف فيه / من إحدى المواقع الإسلامية / من أجل إتمام الفائدة رجاءاً
{ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } التوبة32
{ يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }الصف8
{ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } النور35
{ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ }آل عمران53
آمين