سبحان الله
أنا إنسان مهم إلى درجة عظيمة أتعرفون لماذا؟
لأن هناك حرب شرسة تدور بين صوتين للفوز بشخصي الكريم..
فالله قد أكرمني بالعقل والعلم وخلقني في أحسن صورة
وميزني عن غيري من مخلوقاته وسخر هذا الكون لخدمتي سبحانه..
ولهذا فإن هذه الحرب الصوتية أنا ساحتها وأنا هدفها ومنفذها..
وهي حرب خفيه تكمن في داخلي ولا احد يعلمها من الخلق غيري..
وفي الأخير لابد أن تفوز بي أحداها..
تقوم هذه الحرب على الدعوة المستدامة التي لا تنتهي حتى ألفظ أنفاسي..
أي صراع دائم بدوام الحياة بين صوتين أثنين..
صوت الإيمان وصوت الشيطان..
صوت الخير وصوت الشر..
صوت الهداية وصوت الغواية..
صوت الجنة وصوت النار..
وأنا أعيش بين هذين الصوتين المتنافسين كما لو أني تجزأت إلى نصفين..
فأحيانا أكون عالق بين الاستجابة والرفض.
وأحيانا أكون حاير بين الجموح والكبح..
وأحيانا أتأرجح بين القوة والضعف..
فصوت يمهد أمامي طرق الفرار وصوت يحذرني من عاقبة الدار..
صوت يغريني وصوت يقول لا تعصيني..
صوت يناديني إلى حلاوة الدنيا وزخرفها وصوت بالتقوى يسليني ويهديني.
صوت يجذبني وصوت يحاسبني..
في كل ثانيه وكل دقيقة اسمع هذه الأصوات بداخلي تتعارك..
لا تتركني ولا تمهلني أبدا..
وكل من هذين الصوتين يستمد معركته من رصيدي الذي يعبر عني..
فطالما وجد فيني من نفحات الرحمن أنتصر لي صوت الإيمان..
وطالما كان رصيدي ينافي الإحسان انتصر علي صوت الشيطان..
وأنا ذلك الإنسان المبصر الغافل..
والعارف الجاهل..
والمطيع العاصي..
والتقي المذنب..
فأنا تركيبة طينية روحيه أي تركيبه علوية ودونية..
وبحكم التأثير الطيني فأنا أحب الخلود إلى الأرض والتمتع بملذاتها..
وبحكم قوة الروح وجاذبيتها فأنا أسمو إلى السماء..
وقلبي يسمع كل من الصوتين ويعلم ما يترتب عليهما من فلاح وخسران..
ولكني أحيانا أسهو فاغرق في وحل المعصية ليضحك الشيطان..
وأحيانا استيقظ واندم فأعود إلى الطاعة فيفرح الرحمن..
فهناك رحمة منزله وهناك شر مطروح..
فإن استقبلت تلك الرحمة بيقين لا يخالجه الشك سوف تميل إلى ندى الجنة..
وإن هيأت للشر مكان في قلبك سوف يذعن سمعك لندى التمرد..
أحيانا أكون صعب المراس وأحيانا أغدو سهل المنال..
وبين ذلك تستعر تلك الحرب الصوتية الكامنة بداخلي طول الوقت..
هذه تريدني أن أكون أحد جنودها المارقين المنفذين نيابة عنها..
وتلك تذكرني بالنهاية الأليمة لكل مارق عنيد..
هذه تناديني إلى الكفر بالنعمة..
وتلك تدعوني إلى التوبة والمغفرة..
هذه تريدني أن أشاركها جهنم..
وتلك تواسيني بالخلود الدائم في رياض الجنان..
هذه تقول مالك والوعود تعال هلم إلي أعطيك مُنى النفس..
وتلك تقول اصبر على المكارة تنال عظيم الجزاء..
وأنا أريد أن أكون إنسان صالح ولكني في نزوة عارمة أصبح طالح..
فالدنيا لها حظ فيني والشيطان والنفس كذلك..
غير أني إذا تبعت صوت الحق والهدى فأنا إنسان محظوظ..
فكم أنا إنسان له شأن عظيم في الدنيا..
لكن يا خوفي أن أكون يوم الدين من أسفل السافلين..
فيارب عفوك..