الحديث الثاني:
وَعَنْ
أبي إِسْحَاقَ سعْدِ بْنِ أبي وَقَّاصٍ مَالك بن أُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ
مَنَافِ بْنِ زُهرةَ بْنِ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كعْبِ بنِ لُؤىٍّ
الْقُرشِيِّ الزُّهَرِيِّ رضِي اللَّهُ عَنْهُ، أَحدِ الْعَشرة الْمَشْهودِ
لَهمْ بِالْجَنَّة ، رضِي اللَّهُ عَنْهُم قال: « جَاءَنِي رسولُ الله
صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَعُودُنِي عَامَ حَجَّة الْوَداعِ مِنْ
وَجعٍ اشْتدَّ بِي فَقُلْتُ : يا رسُول اللَّهِ إِنِّي قَدْ بلغَ بِي مِن
الْوجعِ مَا تَرى ، وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلاَ يَرثُنِي إِلاَّ ابْنةٌ لِي ،
أَفأَتصَدَّق بثُلُثَىْ مالِي؟ قَالَ: لا ، قُلْتُ : فالشَّطُر يَارسوُلَ
الله ؟ قَالَ: لا قُلْتُ فالثُّلُثُ يا رسول اللَّه؟ قال: الثُّلثُ
والثُّلُثُ كثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ إِنَّكَ إِنْ تَذرَ وَرثتك أغنِياءَ خَيْرٌ
مِن أَنْ تذرهُمْ عالَةً يَتكفَّفُونَ النَّاس ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنفِق
نَفَقةً تبْتغِي بِهَا وجْهَ الله إِلاَّ أُجرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى ما
تَجْعلُ في امْرَأَتكَ فَقلْت: يَا رَسُولَ الله أُخَلَّفَ بَعْدَ
أَصْحَابِي؟ قَال: إِنَّك لن تُخَلَّفَ فتعْمَل عَمَلاً تَبْتغِي بِهِ
وَجْهَ الله إلاَّ ازْددْتَ بِهِ دَرجةً ورِفعةً ولعَلَّك أَنْ تُخلَّف
حَتَى ينْتفعَ بكَ أَقَوامٌ وَيُضَرَّ بك آخرُونَ.
اللَّهُمَّ أَمْضِ لأِصْحابي هجْرتَهُم، وَلاَ ترُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهم، لَكن الْبائسُ سعْدُ بْنُ خـوْلَةَ
« يرْثى لَهُ رسولُ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم» أَن مَاتَ بمكَّةَ » متفق عليه .
الشرح :
-
المريض مرض الموت لا يجوز له ان يتصدق باكثر من ثلث ماله , لان ماله في
هذه الحالة انتقل الى الورثة , اما الانسان الصحيح السليم فيتصدق بما شاء .
- قوله عليه السلام :" الثلث و الثلث كثير " فيه ان قل عن الثلث فيكون اولى و اكمل كما قال ابو بكر :
ارضى بما رضي الله تعالى على نفسه الخمس " .
- الذي يجعل ورثته اغنياء و لا يتكففون الناس يؤجر في ذلك و افضل الصدقة صدقة لاهله لانهم المقربون .
-
الشاهد في الحديث قوله عليه السلام :" تبتغي به وجه الله " اي تبغتي الجنة
لرؤية وجه الله تعالى , و به تكون النية خالصة لله تعالى .
- دعا النبي
عليه السلام لسعد بان يعمّر و يخلّف و كان ذلك فقد خلف 17 من الذكر و 12
من الانثى , و كما و دعا ان ينتفع به اقوام و يضر به اخرين , فانتفع به
المسلمون في الفتوحات الاسلامية و ضر به الكافرين .
- الفوائد المستنبطة من هذا الحديث :
1. ان من هدي النبي عليه السلام عيادة المريض .
2. حسن خلق النبي عليه السلام " و انك لعلى خلق عظيم " حيث كان يزور اصحابه و يسلم عليهم .
3. ينبغى للانسان مشاورة اهل العلم .
4. ينبغي للمستشير ان يذكر الامر على حقيقته حتى يتسنى للمستشار ان يعطي الراي الصائب .
5. على المستشار ان يتقي الله في الشورى و ان يقول الحق سواء رضي به ام لم يرضى و الا سوف تكون خيانة .
6. لا مانع من قول كلمة لا و ليس فيها قلة ادب فقد استخدمها النبي عليه السلام و استخدمها بعده اصحابه .
7.
لا يجوز للمريض مرضا مخوفا ان يعطي اكثر من ثلث ماله الا في موافقة الورثة
و فيه دليل على ان يعطي اقل من الثلث لقوله عليه السلام :" الثلث و الثلث
كثير " .
8. ان كان للانسان مال و كان ورثته فقراء لاينبغي له التصدق و لا بشئ من ماله و الافضل ان يترك ورثته اغنياء .
9.
خوف الصحابة من الموت في مكة بعدما ماتوا منها و فيه دليل على انه من ترك
شيئا لله تعالى فلا يعود له , مثال ذلك من اخرج التلفاز من بيته فلا يجوز
له اعادته .
10. اذا انفق الانسان نفقة يبتغي بها وجه الله تعالىالا
احتسب به الاجر حتى ما ينفقه على زوجته و حتى نفسه و في هذا دليل على
استحضار النية لوجه الله تعالى في اي عمل حتى يحتسب الاجر .