محمد الحلواجي
لماء البحر فوائد جمة للبشرة، فهو يخترق مسام البشرة ويلعب دوراً في تنشيط الجلد وتغذيته، حيث يمده باليود الطبيعي الذي يقوم بدوره في توسيع الأوعية الدموية، كما يلعب دوراً مهماً في استرخاء الجهاز العصبي، كما يعتبر ماء البحر علاجاً فعالاً لأمراض المفاصل والروماتيزم.
يشير أطباء وخبراء صحة إلى أن ملح البحر له مفعول تنظيفي هائل، إلى جانب أثره المرطب للجلد، وذلك إذا تم تدليك الجسم به، ولذلك فإن الاستحمام بمياه البحر يؤدي إلى استعادة حيوية وسلامة بشرة الجلد، كما يعمل على إزالة قشور الجلد وتنشيط مسامه، والحد من معظم المتاعب الجلدية وحب الشباب والتهاب الثنايا والاحمرار، وكذلك يحافظ على نعومة الجلد ووقايته وشفائه من القروح والأكزيما، لذلك هناك دعوة إلى الاستفادة من المنتجات البحرية واستخدامها في أشكال عديدة مثل الصابون والكريم والمراهم؛ باعتبارها ناجحة في تجميل البشرة واحتفاظها بنضارتها وحيويتها وأثبتت الأبحاث العلمية الحديثة أهمية الاستحمام في البحر للتخلص من الإجهاد والاكتئاب والأرق والتوتر العصبي الزائد، لأن الموجات الصوتية المختلفة التي تحدثها المخلوقات العديدة والمتنوعة التي تعيش داخله وحركة المياه المستمرة تصنع سيمفونية رائعة لها أثرها العلاجي الفعال.
تأثير علاجي
أفادت دراسة ألمانية حديثة بأن مركبات مياه البحر والطحالب والطين تعالج التوتر والروماتويد والروماتيزم وإصابات الرياضة ومشكلات الجلد، حيث أشارت كاترين هوفريشز من “اتحاد مراكز ثالاسو الألمانية” إلى أن العلاج عن طريق البحر يمكن أن يخفف العديد من الاضطرابات ومنها التوتر وأمراض الروماتويد والروماتيزم وإصابات الملاعب والأمراض الجلدية وتعد حمّامات مياه البحر والطحالب وكمادات الطين والتدليك جزءا من العلاج، حيث العلاج يستمر عن طريق البحر نحو أسبوع.
وأكدت دراسات طبية حديثة أن للمياه المالحة تأثيرا علاجيا على أمراض جلدية مثل “الصدفية” وحب الشباب، وهناك منتجعات علاجية معروفة على سواحل البحر الأحمر في مصر، يفد إليها آلاف السياح الأوروبيين الباحثين عن “الشفاء بالماء”، وأثبتت الأبحاث أن لملح البحر مفعولا ساحرا في القضاء على أنواع من الإكزيما الجلدية وشفاء القروح المزمنة، حتى أن الملح يدخل في تركيب المراهم الطبية والصابون والكريمات المرطبة والمنظفة للجلد.
واللافت، أن كل بحر من بحار العالم يتميز بخصائص علاجية معينة، مثل البحر الميت في الأردن الذي يعتبر طينه وماؤه علاجا طبيعيا للأمراض الجلدية، حيث تحمل خواص لا تتوافر في الكون، إلا في أرض البحر الميت، وكذلك هو الحال مثلا مع مياه الخليج المعروف في اليابان باسم “مثلث التنين”، حيث أظهرت دراسة أجريت في قسم “فارما كولوجي” أو (علم أدوية البحار بجامعة نجازاكي اليابانية) على عينات لماء هذا الخليج خصائص علاجية فريدة، خاصة في معالجة الأمراض الروماتيزمية وأمراض الجلد، حيث تصل نسبة الشفاء من هذه الأمراض إلى 62 % خلال 6 أسابيع، في حال مداومة المريض على الاستحمام لمدة ثلاث ساعات يوميا على الأقل في ماء هذا الخليج الغريب.
رياضة بحرية
توصل خبراء وأطباء فرنسيون إلى أن ارتفاع درجة حرارة ماء البحر تجعله علاجا فعالا خصوصا في فترة الصيف، وأرجعوا أهمية العلاج بمياه البحر إلى سببين، الأول هو أن ماء البحر يقلل وزن الجسم، وبالتالي يخفف الضغط على المفاصل، فحينما يغوص الإنسان في الماء حتى الرقبة يزن من 6 إلى 10% من وزنه الحقيقي ويسهل في هذه الحالة تحريك المفاصل وأداء التمرينات الخفيفة، أما السبب الثاني فإنه يعود إلى ما تحتويه مياه البحر من عناصر مهمة للجسم كالصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم والكلور، والتي تصل إلى مفاصل الإنسان من خلال الجلد.
وثبت أن رذاذ البحر مفيد للعيون، كما إن رماله تبيض الأسنان، ولهذا يتغنى المطربون والشعراء بالبحر رغم عدم علمهم بالفوائد البيولوجية والسيكولوجية في مياه البحر للجسم البشري، ومن أبرزها التالي:
◆ يعمل البحر على تنظيم نشاط الغدة الدرقية من خلال تجرع مادة اليود.
◆ إن قيام الإنسان بالنزول إلى المياه يساعده على تنشيط جسمه من خلال رياضة السباحة.
◆ إن كل من يذهب إلى المناطق المجاورة للبحار دائما ما يشتهي تناول اللحوم البيضاء خصوصاً الأسماك وهي مفيدة للجهاز الهضمي، لأنها خفيفة الهضم وغنية بالمعادن والأملاح، ما يجعل المعدة في راحة من عناء الأطعمة الصعبة الهضم كاللحوم الحمراء.
مزيد من المزايا
◆ تساعد المياه المالحة على نظافة المعدة إذا تجرعها الإنسان عن طريق الخطأ أثناء وجوده بالبحر، فلا خوف من ذلك.
◆ تستفيد العين من مياه البحر إذا تعرضت لرذاذ البحر فقط دون الغطس والعين مفتوحة أو مواجهة الأمواج، لأن مياه البحر مليئة بالملح الذي يضر العين إذا تعرضت له بكثرة مما يعرضها للجفاف.
◆ تساعد مادة “الفلورين” الموجودة بكثرة في الأماكن القريبة من البحار، بنسبة معينة على مقاومة التسوس، وهي غذاء غير مباشر للأسنان، أما رمال البحر فتعمل على صقل الطبقة الخارجية للأسنان فتبدو بيضاء ناصعة.
◆ فضلا عن فوائد المياه المالحة علاجيا، فإن عملية الاستحمام في ماء البحار تعرض الجسم لضغط يختلف باختلاف العمق، ويقول الأطباء إن العمق العادي لمياه البحر له ضغط مؤثر طبيا، يفيد في تنشيط الدورة الدموية الطرفية وتخفيف آلام التصلب، وهذه الفائدة يعزوها العلماء إلى توفر عوامل الضغط والحرارة والمياه المعدنية، ولهذا أقيمت عدة مستشفيات أميركية خاصة تحت سطح الماء لعلاج بعض الأمراض.
◆ يقول الأطباء إن مجرد الاستحمام بماء البحر على الشاطئ، وتعريض الجسم لأشعة الشمس في الصباح حتى ما قبل الظهيرة يجعل الإنسان عرضة للأشعة الكونية والموجات الكهرومغناطيسية الناجمة عن الأمواج، وهذه الإشعاعات تقوم بتحفيز العمليات الحيوية في الجسم، نتيجة التفاعل الصحي بين الحرارة والإشعاع والعناصر الكيماوية، وهو الأمر الذي يسهم في زيادة مناعة الجسم.
ثروات في قاع البحار
يعتبر العلم المعروف باسم “فارما كولوجي البحار”، أحد العلوم الحديثة، على الرغم من أن الاستشفاء بالماء المالح وخاصة أمراض الجلد معروف منذ القدم، وهو يبحث في الخصائص العلاجية لمياه البحار والمحيطات، التي تحتوي على 52 مادة عضوية وعنصرا كيماويا، حتى أن كل ميل مكعب من المياه المالحة يحتوي على 200 مليون طن من هذه المواد والعناصر، بالإضافة إلى 200 نوع من المركبات العضوية السامة المتركزة في قاع البحار، والتي يطلق عليها العلماء اسم “السموم السمكية” ولهذه السموم فوائد جمة في علاج بعض الأمراض المزمنة، خاصة وأن مياه البحار والمحيطات تغطي 71 % من مساحة الكرة الأرضية، وفي هذه الدنيا مترامية الأطراف من المياه تعيش 80 % من الكائنات الحيوانية على كوكب الأرض، حيث لا تشكل نسبة الحيوانات التي تعيش على اليابسة أكثر من 20 % فقط.