تحدث العلماء عن وجود ساعة دقيقة جداً داخل كل منا، بل داخل كل جزء من أجزاء جسدنا هنالك ساعة لا تخطئ، فما هي حقيقة هذه الساعة الحيوية؟...
أخيراً بدأ العلماء باكتشاف حقيقة الساعة الحيوية الموجودة داخل أجسامنا، ووجدوا أن مثل هذه الساعة موجودة في كل خلية من خلايا جسمنا! فهنالك مورثات محددة داخل الخلية مسؤولة عن ضبط الوقت.
ففي القلب هنالك ساعة خاصة به لتضبط دقاته، وفي الكبد هناك ساعة تضبط عملية تصفية السموم، وفي الكلى ساعة خاصة لتنظيم عمليات التبول، وهكذا في كل جزء وفي كل خلية من جسمنا هنالك ساعة ضبط الوقت!
العجيب أن هذه الساعة موجودة عند جميع الكائنات مثل الفأر والنحلة والفراشة وجميع الحيوانات والأسماك، وموجودة كذلك عن النباتات، إذن كل شيء حي زوّده الله بساعة دقيقة لتضبط عملياته الحيوية.
لقد وجد العلماء حديثاً مورثات محددة في نواة الخلية تتحكم بالوقت في جسم الإنسان وتنظم عملياته الحيوية [1] ، لذلك حتى عندما نعزل إنساناً ونضعه في كهف مظلم مثلاً، أي نغير الظروف الطبيعية فلم يعد يرى الضوء أو الشمس ولم يعد يعرف الوقت ليلاً أو نهاراً، وعلى الرغم من ذلك فإن أجهزة الجسم تقوم بدورها، فينام ويستيقظ باكراً حسب عادته.
إن هذه الساعة تمارس عملها في الفضاء أيضاً بغياب الجاذبية الأرضية، فتجد أن جسم رائد الفضاء يقوم بمهامه كاملة على الرغم من وجوده في ظروف فقدان الجاذبية. وتقوم أيضاً بتنظيم عملية النوم والاستيقاظ والشهية للطعام، وتعمل باستمرار على مدى 24 ساعة دون توقف،
وصدق الله عندما يقول: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) [الفرقان: 1-2].
تبدأ الساعة الحيوية بممارسة مهامها منذ اللحظة الأولى لخلق الإنسان، ففي رحم الأم تبدأ النطفة بتلقيح البويضة وتبدأ دقات الزمن وتبدأ عمليات الانقسام الخلوي بخلية واحدة وتنتهي بعدة تريليونات من الخلايا وهو الإنسان، وكل ذلك يتم وفق نظام دقيق ومحسوب ومقدر، فسبحان الله!
القسم الأمامي من الدماغ
لقد وجد العلماء أن الساعة الحيوية هي عبارة عن مجموعة خلايا تقع في مقدمة الدماغ في منطقة الناصية خلف العينين، وهذه الساعة ترسل الإشارات بشكل دائم إلى الجسم ليقوم بعملياته بنظام محكم. ويقوم الباحثون في جامعة هارفارد بدراسة الآلية الدقيقة لهذه العملية [2].
إذن يمكن القول إن منطقة الناصية هي المسؤولة عن توجيه كل الكائنات الحية في حركتها وحياتها. فقد لاحظ الأطباء أن المنطقة الأمامية من الدماغ والتي يمكن أن نسميها الناصية، تتركز فيها العلميات العقلية الكبرى وتتحكم هذه المنطقة بالسلوك الاجتماعي، وهذه المنطقة تتحكم حتى بكثير من الأمراض النفسية، بل وتسيطر على العمليات المختلفة في أجزاء الدماغ.
وقد لاحظ العلماء على مدى أكثر من نصف قرن أنه إذا تم قطع بعض الأعصاب التي تصل الناصية بالمنطقة الخلفية من الدماغ، فإن بعض الأمراض تزول وتختفي أعراضها، وهذا يؤكد الدور المهم للناصية في توجيه كامل الدماغ للقيام بمهامه، وكأن هذه الناصية هي التي تتحكم بالإنسان [3].
يقول أحد العلماء حديثاً [4]:
Actually, brain imaging has shown that the frontal lobes may be divided into seventeen or more subregions, each responsible for a slightly different kind of work that the human performs. So a problem anywhere in this area will impact the way a child approaches and performs any task.
في الحقيقة تظهر الصور الملتقطة للدماغ أن المنطقة الأمامية (وهي الناصية) يمكن تقسيمها إلى سبع عشرة منطقة، وكل منطقة تتحكم بعمل معين، بحيث أنه إذا تعرضت هذه المنطقة لأي مشكلة لدى الطفل فإنه يعاني من مشاكل في أي مهمة يريد إنجازها. وبالتالي فإن هذه المنطقة هي التي تنظم عمل الجسم بأكمله، ومن هنا تأتي أهميتها في علاج الأمراض.
تشير المناطق الزرقاء وهي في منطقة الناصية في مقدمة الدماغ، إلى وجود نشاط للمخ في هذه المناطق نتيجة اختلال السلوك الاجتماعي لدى المريض. أي أن منطقة الناصية تمثل مركز القيادة لدى الإنسان. المصدر: موقع جائزة نوبل على الإنترنت.
وهنا يتجلى قول الحق عز وجل: (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [هود: 56].
في داخل كل خلية من خلايا جسدنا ساعة حيوية فائقة الدقة، وهذه الساعة تتحكم بجميع العمليات الحيوية بدءاً من ولادة الإنسان وحتى موته، ويقول العلماء إن البرنامج الموجود في كل خلية والذي يسير بخطوات دقيقة لا يشذ عنها، وقد بُرمجت هذه الساعة لتدق عدداً محدداً من الدقات، لا تزيد ولا تنقص، وعندما تدق آخر دقة فإن الموت يأتي بعدها ولا يتأخر أبداً. وربما نعجب من دقة البيان الإلهي عندما وصف لنا لحظة الموت فقال: (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) [النحل: 61].
ولنسأل أولئك الملحدين الذين يعتبرون أن الكون وجد بالمصادفة، كيف تسير هذه العمليات الدقيقة جداً داخل آلاف البلايين من الخلايا في جسم الإنسان، ولو اختل نظام خلية واحدة لاختل الجسد كله؟ من الذي أودع في كل خلية من خلايا البشر والنبات والحيوان ساعة دقيقة لا تحتاج إلى صيانة ولا تتأخر ولا تتقدم؟ أليس هو الله؟
ــــــــــــ