"رغم أنني الضحية، إلا أن المجتمع حوّلني الى متهمة ويعاقبني وكأنني أنا المذنبة وأنني انا التي أقدمت على فعل الشر والحرام. وكلما فكرت بالإرتباط مع شاب بهدف الزواج ليمسح عني غبار عذاب السنين والبدء بصفحة جديدة يفشل هذا المخطط ويتحطم قلبي مرة أخرى، وكل ذلك لأنني أصارح الشاب وأطلعه على حادث الإغتصاب الذي تعرضت اليه في طفولتي، لأنني أرفض التصرف مثل بعض الفتيات اللواتي يعشن مع ازواجهن على الغش، وبدلاً من الوقوف الى جانبي ودعمي ومساعدتي وتفهم وضعي يبتعد عني ويحولني من ضحية الى مجرمة ومتهمة ويكون القاضي والجلاد".
هذا ما قالته "سوزان" (26 عاماً)، من احدى القرى التي لم يكن أمامها الا الحديث لعلها تجد منفساً لها او ما يريحها من عذاب السنين وآهاتها ويأخذ بيديها. وقالت، وكأنها تزيح عبئاً ثقيلاً عن صدرها: "كنت في العاشرة من عمري، عندما خرج جميع أفراد العائلة من البيت وتركوني لوحدي مع شقيقي الذي يكبرني بسبع سنوات. لم أكن أدرك حينها ماذا يقصد شقيقي من فعلته لكنني شعرت بخوف وبأن شيئاً غير طبيعي وغير عادي يحدث معي. دخل شقيقي الحمام وتعرّى ثم نادى علي بصوت مرتفع، تملكني الخوف وهرعت باتجاهه وأنا أرتجف، اعتقدت انه يريد شيئاً ما وعندما سألته من خلف الباب: "ماذا تريد"؟ ردّ "أدخلي، لا تخافي". حاولت ان أتجاهله لكنه واصل مناداته لي وكل مرة بحدة اكثر، فأقبلت عليه كالطير المسرع الى مذبحة، دخلت الحمام ورأيت جسم أخي. كانت هذه المرة الأولى التي أرى فيها جسم شاب ناضج. فكرت بكلام والدتي عندما قالت لشقيقتي الأكبر انه من العيب ان تنظر الفتاة لجسم شاب او العكس.
اقترب شقيقي مني وبدأ بملاطفة جسمي، ابتعدت عنه مدركة رغم صغر سني ان ما يحدث هو عيب وحرام وأن أمي ستعاقبني اذا عرفت انني شاهدت جسم شقيقي. فلحق بي وما كان مني الا ان استسلمت اليه والى رغبته الحيوانية، فوقعت فريسة بين انيابه وفعل فعلته وانا غير مدركة مدى خطورة ما فعل. وبعد انهاء فعلته القبيحة هددني قائلاً: "اذا أخبرت أحداً بالذي حصل سأقتلك". لم أدرك وقتها حجم الجريمة وأبعادها. حافظت على "السر"، ربما خوفاً من شقيقي وربما خوفاً من عقاب والدتي، لكنني كنت اشعر بنار مشتعلة في داخلي. كنت أعيش في حيرة وقلق. أصبحت أخاف البقاء وحدي في البيت او حتى دخول الحمام للإستحمام. كنت أطلب من والدتي ان تساعدني على غسل شعري الطويل حتى تكون الى جانبي. أصبحت أرى شقيقي وكأنه عدوي، كلما رأيته اشعر بحقد وكراهية تجاهه وما زال هذا الشعور يلازمني حتى هذه اللحظة.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحدّ فقد اقتنص شقيقي ومغتصبي اول فرصة لوجودي وحيدة في البيت، فقد خرج جميع اخواتي اللواتي يكبرنني سناً الى مناسبة وطلبن مني ان ابقى في البيت لأنني صغيرة ولا يعقل ان ارافقهن لمثل هذه المناسبة. والدي كان في عمله ووالدتي توجهت لزيارة جارتنا المريضة. اخوتي خارج المنزل. استجبت لطلب اخواتي على أمل ان شقيقي سيكون خارج المنزل ولن يعود على فعلته. وما ان مرت لحظات على خروج أهلي حتى حضر شقيقي وكأنه ينتظر تلك اللحظة ويتحيّن الظروف المناسبة.
ارتجفت عندما لمحته يدخل البيت وانزويت في غرفتي. حاولت الحفاظ على الهدوء حتى لا يشعر بوجودي وبينما انا أجلس في زاوية الغرفة ومنكمشة على نفسي فتح شقيقي الباب باحثاً عني، عن فريسته الضعيفة الصغيرة الطرية. انقبض قلبي وبلعت لعابي، اكفهر وجهي، راح يسير باتجاهي ضاحكاً ضحكة مخيفة، لم تصدر مني اية حركة وواصلت صمتي الممزوج بالخوف والتوتر حتى احتواني، بعنفوانه وجسمه الكبير وعرّاني من ملابسي بما في ذلك الداخلية منها، محاولاً تهدئتي والمضي في تنفيذ جريمته وانا أصرخ ألماً، لكنه تجاهل توسلاتي ورجائي، نهض عني كالثور الهائج بعد فوزه بي وغادر غرفتي وهو يلوح بإصبعه مهدداً بقتلي اذا بحت لأحد بما حدث ووعدني ان يشتري لي الحلوى والألعاب. وخلال ذلك سمعت صوت صديقتي تناديني لنلعب معاً، فنسيت ما حدث وأسرعت الى خارج المنزل، لعبت معها وكأن شيئاً لم يحدث. وهكذا حصل أيضاً في المرة الثالثة التي تعرضت لها للإغتصاب. كنت أرضخ له ولنزواته وبشاعته.. لم يكن امامي ما استطيع ان أدافع فيه عن نفسي فأنا طفلة صغيرة مطيعة لا يمكنها مخالفة الأوامر. وهذا شقيقي الأكبر، المدلل الذي يحصل على كل ما يريد دون ان يجرؤ احد على سؤاله لماذا وكيف او أن يمنعه من تنفيذ رغباته حتى وان كان ذلك اغتصاب شقيقته وسأكون انا في نظرهم المجرمة.
بعد سنة على مرور الجريمة وبينما كان شقيقي في غرفته، طلبت مني والدتي ان احضر اليها حراماً كان موجوداً في غرفته، رفضت بداية فصرخت بوجهي: "هيا انهضي احضري الشرشف والا ضربتك"! ان تضربني والدتي فهذا أمر صعب فهي تضرب بحدة وقسوة، واذا اخبرتها عن سبب رفضي ستعاقبني وسيكون عقاباً قاسياً. دخلت غرفة شقيقي فوجدته مستلقياً على سريره. ابتسم عندما رآني وطلب مني الإقتراب منه. تملكتني الجرأة وقلت له لا، فأمسك بيدي فقلت له سأصرخ وأنادي أمي أتركني، وفعلاً تركني. اخذت الشرشف وغادرت غرفته وأنا مصممة ان لا اسمح له بعد ذلك بلمسي.
كبرت وزدت وعياً وإدراكاً للأمور، لكن عامل الخوف ما زال يطاردني. علاقتي مع شقيقي تحولت الى حقد واشمئزاز، لم تمح كل هذه السنين ما تعرضت له من اغتصاب ولم أنس للحظة وجه شقيقي الذي ينبعث منه السم والغرائز الحيوانية. وكلما نظرت في وجه شاب اتذكر وجه شقيقي القبيح فأشعر بقشعريرة واشمئزاز وألم وخوف، فأحاول ان لا أعمم هذا الشعور على جميع الشباب وأن اصنفهم بين سيء وجيد فأقرر ان أفتح صفحة جديدة وأن ارتبط مع من هو جيد، ولكن وبعد التعارف والحديث عن ارتباط وزواج اصارح ذلك الشاب بما مررت به وأشرح له ظروفي علّني أجد الحنان والعطف والحب فيه وأعوّض ما عشته من خوف وقلق وحرمان واعتداءات، لكن سرعان ما ينتهي الأمر، ويبتعد الشاب عني ويتركني أبحر في عالم التساؤلات عن سبب تركه لي رغم ما اتمتع به من جمال وقوام ممشوق وجاذبية. لماذا يضعني المجتمع في قفص الإتهام علماً انني انا الضحية؟ لماذا يعاقبني على جريمة لم ارتكبها؟ لماذا يباح للمجرم الحقيقي الزواج وانجاب اطفال والعيش بسعادة وهناء، تماماً مثل أخي الذي تزوج وانجب اطفالاً ويعيش حياة استقرار بينما انا الضحية احصد ما جناه شقيقي من أفعال قبيحة ونصيبي منه التعاسة، حتى هو لا يكترث لتعاستي ووحدتي ويشعر بتلذذ كلما رآني حزينة بائسة..
انني احمل كرهاً وحقداً له وأتمنى لو أنني أضربه وأصرخ بأعلى صوتي لأقول للجميع عن أفعاله واغتصابه لي، لكن من سيصدقني بعد هذه الفترة؟ من سيحميني؟ سأبقى في نظر الجميع المتهمة حتى وان كنت المغتصبة والذبيحة؟! هناك شباب يبدون وكأنهم يتفهمون امور الفتاة المغتصبة وانهم على استعداد للوقوف الى جنبها ومعها، لكن هذه امور تبقى شعارات كاذبة وتبقي عقلية الشاب العربي وللأسف ظالمة تجاه الفتاة.
لقد اخترت طريق الصراحة والإستقامة لغاية الآن فجاء أجري في خسارتي. هل أداري المجتمع الزائف واتّبع الغش والخداع لكي أخرج من هذا المأزق أم انه لا يصحّ في النهاية الا الصحيح وأن في الإستقامة والصدق النجاة والخلاص؟! لا أدري. إني أتمزّق ألماً!!!