المــولود الاول
..................
.......
الأمومة ليست كغيرها من العلاقات .. لها خصوصية التضحية والحب اللامحدود، علاقة تتميز عن غيرها بانتفاء المصلحة وبقاء الفطرة لإحساس عظيم وعطف متواصل باتجاه الطرف الآخر " إنها علاقة الأم بطفلها " فمنذ الأزل والمرأة تسكنها غريزة الأمومة .. وما من فتاة ٍ في كل هذا العالم إلا وتحلم أن تكون أماً .. ولو بعد حين .. لتداعب صغيرها .. وتضمه بكل حنان العالم إلى صدرها لتمنحه دفء الحياة " .
ليبقى بعد ذلك الشعور ممتزجاً بفرحة مع خوف وهي تدخل منزلها حاملة ً بين ذراعيها حلم حياتها (ضيفها الجديد) تتملكها نشوة غريبة " ترى ابتسامته فتسقط كل الهموم .. لتحمل طفلها وتغرقه في الدلال " تلتصق به لتجعله يحتويها وتحتويه .. فتتولد مشاعر جديدة داخلها ( التضحية . العطاء . الحب الكبير ) لذلك البرعم الصغير القادم إلى الحياة .
بدأنا حوارنا الشيق مع مجموعة من الأمهات ( الجديدات ) لنغوص في أعماقهن وننبش تلك المشاعر والأحاسيس بهدف التعرف على مزيد من الأسرار .. ولندخل في تفاصيل الحالة الفسيولوجية والصحية للأم بعد الإنجاب .
وكان لنا أن التقينا بالسيدة .. سمية موسى ( 29) عاماً التي تزوجت منذ عام وكانت فرحتها كبيرة عندما علمت أن روحاً تسكن أحشائها " تنمو وتترعرع لتنطلق إلى الحياة .. تقول السيدة سمية : كان زوجي سعيداً جداً ومنذ شهور الحمل الأولى وأنا أتهيأ لهذه المناسبة السعيدة وأضافت بأن فرحتها جعلتها تسعى لتجهيز غرفة المولود قبل قدومه كما أنها أصبحت أذناً صاغية لكل أم ٍ سبق وأن عاشت تجربة الحمل والولادة " لتواصل طرح الأسئلة عليهن بغية معرفة المزيد .. ثم أردفت لقد تغير كل شيء بعد ولادتي وعرفت بأنني من غير نصائح أو أسئلة استطيع الاعتناء بطفلي كما لم أعتني بأحد من قبل إنه شعور جديد وجميل زرع داخلي عندما دلفت إلى المنزل أحمل طفلي على يدي ليضفى على حياتي معنيً جديداً وحباً كبيراً لم أعشه من قبل " .
<= وبعد أن عشنا فرحتها التقينا " بسيدة أخرى هي نيرمين أحمد الشواف ( متزوجة منذ ثلاث سنوات وعمرها 21 عاماً ) .
تقول : كنت أمني نفسي بالأمومة منذ السنة الأولى .. لكن إرادة الله فوق كل شيء .. فقد تأخر الحمل وانتابتني المخاوف وتملكني القلق .. خاصة وأنا استمع الكلام الجارح والمر من عائلة زوجي مما سبب لي أزمة نفسية جعلتني أراجع إحدى العيادات النفسية .
وأضافت : لم يخفف عني ويطمئنني سوى إحساسي ويقيني من حب زوجي ووقوفه بجانبي .. ذلك الحب الذي جعلني أهدأ قليلاً .. حتى عرفت وتأكدت إنني حامل فكانت فرحتي يحجم مرارة الانتظار ولا أستطيع بأي لغة وصف ذلك الشعور لقد تخيلت إنني أزرع الدنيا وروداً لأهدي لكل طفل وردة .. ثم أنجبت وردة فتاة جميلة آنستني وآنستني كل هموم السنوات لدرجة إنني بدأت انشغل تماماً بها وبألعابها .. أرقص مع ضحكاتها .. وأغسل بدموعي أوجاعها ثم حدقت فينا وقالت .. ما أجمل أن تكوني أماً .
<= لم يهدأ الحوار حيث كان من ضمن من حاورتهم (عالم حواء) . إحدى الأمهات التي اكتست وجهها سحابة من الحزن .. تباغتها الابتسامات عندما ترى مولودها ... يحتضنها بنظراته وابتساماته .. قالت بعد عقم دام ست سنوات ولدت طفلي الأول .. لكنه ولد معاقاً لا يقوى على الحركة .. إلا أنها لم تخف اعتزازها به فقد أكدت أنها فخورة به وسعيدة جداً بوجوده .
سألناها : كيف ستتعاملين مع طفلك تحت هذه الظروف ؟
أجابت : كأي أم في هذه الدنيا .. بل أكثر سأمنح كل عواطفي له وسأفرش له عمري طريقاً من الورود ثم أضافت بأن أكثر ما يؤرقها أنه لن يستطيع في قادم الأيام اللعب مع أقرانه ( تمتمت بحمد الله على ذلك أو أردفت برغم كل شيء سيكون هو البلسم لجراحي ولا أستطيع من غيره أن أعيش سأعطيه كل ما أملك لينمو ويكبر .. بل ليصبح رجلاً مميزاً بإذن الله ثم بعد هذا الحوار تأكد لنا أن الشعور الذي ينتاب كل أم تضع مولودها الأول يكون مختلفاً عما سواه ــ فهو (لكيان جديد ) .. ( روح جديدة ) .. مسؤولية تحب كل امرأة أن تتحملها .. وبالمقابل كل هذه التغيرات والمشاعر تعني تحولات صحية وفسيولوجية ...
من هذه التحولات الصحية والفسيولوجية :
1 ) ــ التغير العام في الجسم (زيادة الوزن ـــ تغير لون الجلد ــ الترهلات) بعد عملية الولادة .
2 ) ـــ تصاب الأم في بعض الأحيان بضعف عام (أنيميا) لعدم التغذية السليمة أثناء فترة الحمل وبعد الولادة .
3 ) الاكتئاب الذي تصاب به الأم بعد الولادة مباشرة .
4 ) القلق النفسي والتوتر الشديد وأيضاً الخوف الشديد على مولودها الأول .
5 ) الاهتمام الكلي بالطفل يربك في بعض الأحيان العلاقة بين الزوج والزوجة فيجلعها في تفكير دائم بين إرضاء أمومتها بالوجه الأكمل وإعطاء بعض الوقت لزوجها .
وغير ذلك من التغيرات وفي نهاية الأمر هي أم كباقي الأمهات في العالم أجمع لها الحق في التعبير عن الحب والتضحية والخوف على الأرواح الصغيرة القادمة في الحياة .
( منقول )
--------
تحياتي