ماما .. من أين يأتي الأطفال وإلى أين نذهب؟؟
بابا .. لماذا انا مختلف عن أختي؟؟
أسئلة محرجة ولكن لا مفر منها. تواجه الأهل فيحتارون في الإجابة:
هل يجيبون بصراحة؟؟ هل يهربون ؟؟ هل يلتزمون الصمت؟؟ هل يحاولون اللعب على الكلمات؟؟ لاشك ان الأسئلة الأكثر إحراجاً هي تلك المتعلقة بالجنس. في هذه الحالة يضع الأولاد أهلهم في وضع صعب ويجبرونهم على شرح أشياء يصعب تجسيدها بكلمات.
وصعوبة الموضوع تكمن، خصوصاً في كون المحاور طفلاً يحتار المرء في إختيار الكلمات امامه. يخاف من ان يترك الموضوع آثاراً سلبية على نفسيته.
برأي الأخصائيين، على الأهل أن يختاروا كلمات واضحة ومختصرة كافية ليعلم الطفل بالأمور التي تشغله، ولكن من دون مبالغة ومن دون إقتحام لعالمه الخاص، لأفكاره ومخيلته.
في غالب الأحيان تعود أسئلة أطفالنا لتوقظ فينا أمور آلمتنا في طفولتنا وأثرت فينا . ففي المناقشة الجنسية مع الأطفال يتذكر الكبار المشاكل التي عانوا منها من جراء صمت الأهل، وتكتمهم حول مواضيع شتى.
وفي غالب الأحيان تمنعهم هذه المشاكل عن الكلام عن مواضيع حساسة أمام أولادهم. كثيرات هن الأمهات اللآتي يعترفن بأنهن إلتزمن الصمت أمام أسئلة أولادهن الحساسة كما لو كن لا يعرفن الجواب .
إحدى الأمهات قالت: سؤال إبنتي حول موضوع جنسي محا الوقت والزمان فاستفاقت الطفلة في لا وعيي فتذكرت ضياعي أمام أسئلة طرحتها على أمي حول الجنس ولم ألق يومها جواباً شافياً.
يحب الأطفال أحياناً طرح أسئلة تتعلق بحياة الأهل خاصة. (ماما لماذا تقفلان باب الغرفة عندما تنامان؟) (لماذا تتشاجران)؟
هنا لابد من طرح موضوع الحدود التي من المفروض ان يلتزمها الأهل والأطفال معاً.
وغالباً ما يتساءل الأهل: (هل نبالغ بالتفاصيل؟ إلى أي درجة يمكن أن نصل مع الأطفال ، هل من حقنا الإمتناع عن الإجابة؟)
يتمزق الأهل بين الخوف من احداث مشاكل للطفل وبين الخوف في أن يعتاد على الإهتمام بشؤون لا تخصه.
برأي الأخصائيين، على الأهل أن يتذكروا دائماً بأن المطلوب من الطفل ان يستفهم عن أمور تخصه فقط لاغير. عليه أن يعلم أن هناك أمور لا تعني الأطفال: من الممكن مثلاً أن يعلم الطفل أن الأهل يعيشون حياة حميمة ولكن التفاصيل لا تعنيه.
الجنس ليس الموضوع الوحيد الذي يشغل الأطفال. الموت هو أيضاً يشغلهم ويربكهم كما يربك الأهل. كثيرون هم الأطفال الذين يطرحون أسئلة حول الموضوع (ماذا تعني كلمة "مات" ؟ ) يصعب على الأهل إيجاد الجواب الماسب لسبب بسيط هو أن الخوف من الموت يتحكم بلا وعيهم أكثر مما يتحكم بالأطفال . المطلوب أن يتقبل الأهل أولاً فكرة الموت ، ومن ثم يوصلونها بشكل هاديء ومقنع لأطفالهم . عليهم أن يتذكروا بأن الموت سنة الحياه. وبأن كل إنسان يموت ليترك المكان لآخر يكمل المسيرة ويدفع بها إلى الأمام. عندما يقتنع الأهل بأن الموت حالة طبيعيه وبأنه مرتبط بالإنسانية ولا يعني بالضرورة العدم . عندها يسهل عليهم شرح الفكرة لأولادهم .
في أحيان كثيرة يخاف الأهل من إطلاع اولادهم على أمر وفاة أحد المقربين بإعتبارهم صغاراً ليعرفوا ذلك. يحاولون حمايتهم من قساوة الدنيا فيكذبون عليهم: فمثلاً (أين جدتي؟ سافرت) جواب تقليدي ، ولكنه لا يفيد بالضرورة. على الأهل أن يعلموا أن الطفل يتألم كما يتألمون هم، ولكن مساعدته ومرافقته تساعده على تخطي الموضوع. إن الطفل الذي سمح له بمعرفة موضوع وفاة قريب له وسمح له أيضاً بالمشاركة بالحزن، يخرج بعد المحنة أكثر نضجاً وقوة .