بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المستحق لغاية التحميد، المتوحد في كبريائه و عظمته الولي الحميد، الغني المغني المبدئ المعيد، المعطي الذي لا ينفذ عطاؤه و لا يبيد، المانع فلا معطي لما منع و لا راد لما يريد.
إنّ من حكمة الله تعالى و رحمته بالإنسان أن سخر له النحل ليخرج من بطونه شراب مختلف ألوانه، كما أوحى إليها إذ قال جلا و علا﴿ وَ أَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِى مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا وَ مِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونََ﴿68﴾ثُمَّ كُلِى مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِى سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِّلنَّاسِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لأَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَرُونَ﴾ [النحل: 68-69]، و من المتعارف عليه أنّ للعسل أربعة ألوان و قد أثبت العلم أنّ اختلاف كل من تركيب التربة و المراعي التي يسلكها النحل يؤثر تأثيرا كبيرا في لون العسل.
كما سخر الله النحل ليمتص الرحيق من شتي الأزهار في رحلات بين النباتات المختلفة ليجمع لنا منه العناصر النادرة التي يحتاجها جسم الإنسان و يركزها في العسل، و عليه فإنّ العسل يجمع بين القيمة الغذائية و الوقائية و لذا قال النبي صلى الله عليه و سلم "إن كان في شيء من أدويتكم خير، ففي شرطة محجم، أو شربة عسل" أخرجه البخاري و مسلم و احمد في مسنده.
فالعسل من حيث القيمة الغذائية فهو غنيّ و متنوع إذ يحتوى على:
الغلوكوز (سكر العنب) و هو يوجد بنسبة 75% و السكر الرئيسي الذي تسمح جدران الأمعاء بمروره إلى الدم، كما انه سهل الامتصاص إذ يتجه مباشرة إلى الكبد بعد امتصاصه و يتحول إلى غلوكوجين و يتم ادخاره لحين الحاجة. بما أنّ العسل يحتوى على هذه النسبة العالية من الغلوكوز فإنّ قيمته الحرارية مرتفعة جدًا حيث ثبت أنّ كيلوغرامًا واحدًا من العسل يعطي 3150 حريرة.
الأحماض العضوية بنسبة 0.08% و بعض البروتينات.
الخمائر الضرورية لتنشيط تفاعلات الاستقلال في الجسم.
كما يحتوي على أملاح معدنية بنسبة 0.018% و التي لها أهمية كبرى بحيث تجعل من جهة العسل غذاء ذا تفاعل قلوي (مقاومًا للحموضة)، و من جهة أخرى عناصر ضرورية لعملية بناء أنسجة الجسم و من أهم هذه العناصر نذكر البوتاسيوم، الكبريت، الكالسيوم، الصوديوم، الفوسفور، المنغزيوم، الحديد و المنغنيز...و غيرها.
كميات من الفيتامينات التي لهاوظائف حيوية (فيزيولوجية) مهمة فنجد مثلا :الفيتامين ب2 الذي يدخل في تركيب الخمائر المختلفة التي تفرزها الغدد في الجسم، و الفيتامين ب3 و هو مضاد للإلتهابات، الفيتامن ح و هو يدخل في مناعة الجسم و مقاومة الأمراض و نجد أيضا الفيتامين ب5.
كما يحتوي العسل على حبيبات غروية و زيوت طيارة، تعطيه رائحة و طعما خاصا.
أما العسل من حيث القيمة الوقائية فأثبتت الأبحاث أنّ من أهم خصائصه:
أنه وسط غير صالح لنمو البكتيريا الجرثومية و الفطريات لذلك فهو قاتل للجراثيم.
كما أنه علاج لأمراض الدورة الدموية و فقر الدم إذ يحتوي العسل على عامل فعال جدا له تأثير كبير على الخضاب الدموي (الهيموغلوبين).
للعسل دور كبير في علاج أمراض المعدة و الأمعاء إذ يعمل على تعديل الحموضة الزائدة بحيث يقضي على ألام القرح الشديدة، بالإضافة إلى هذا فإنه علاج ناجح للتسمم بأنواعه.
يستعمل كذالك لمعالجة أمراض الجزء العلوي من جهاز التنفس و لاسيما إلتهاب الغشاء المخاطي و تقشره.
للعسل أهمية في معلاجة إلتهاب الكبد، كما يحتوي على عامل فعال يؤدي إلى توسيع الأوعية الكلوية و زيادة إفرازتها.
كما دلّت الإحصائيات على جودة العسل في شفاء إلتهاب الجفون و الملتحمة و تقرح القرنية و أمراض عينية أخرى، و أنّ له دور كبير في معالجة الأمراض النسائية.
هناك العديد من الأبحاث التي اجريت على العسل و كلها تعكس فائدة هذه المادة الطبيعية، فمثلا أثبتت بعض الأبحاث أنه بالتناول اليومي لعسل النحل في صورته الطبيعية يزيد من معدلات مضادات الأكسدة في الدم و هذا يقلل من مخاطر التعرض للضمور بواسطة الجزيئات الحرة و يترجم إلى جهاز مناعي أفضل و جسد أقوى. و لا تزال الأبحاث مستمرة للكشف عن هذا المنجم الطبيعي الملىء بالمعجزات الشفائية.