رَسُولَ اللهِ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقولُ
قال الله تبارك وتعالى (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي
يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي
يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة)
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3540خلاصة حكم المحدث: صحيح
شرح الحديث الثاني والأربعين من أحاديث الأربعين النووية
للشيخ محمد صالح العثيمين غفر الله له هذا حديث قدسي
أن من دعا الله ورجاه فإن الله تعالى يغفر له. ومن أسباب المغفرة التوحيد وهو السبب الأعظم للمغفرة
قوله: "مَا دَعَوتَنِي"الدعاء ينقسم إلى قسمين: دعاء مسألة، ودعاء عبادة.
فدعاء المسألة أن تقول: يا رب اغفر لي.
ودعاء العبادة أن تصلي لله
ولكن لاحظ القيد في قوله: "وَرَجَوتَنِيْ" فلابد من هذا القيد، أي أن تكون داعياً لله راجياً إجابته، وأما أن تدعو الله بقلب غافل فأنت بعيد من الإجابة، فلابد من الدعاء والرجاء.
وقوله: "غَفَرْتُ لَكَ" المغفرة: هي ستر الذّنب والتجاوز عنه.
"عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ" أي على ما كان منك من الذنوب والتقصير.
"وَلاَ أُبَالِي" أي لا أهتم بذلك.
"يَا ابْنَ آدَمَ لَو بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ" المراد بقوله: "عَنَانَ السَّمَاء" أي أعلى السماء
"ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِيْ" أي طلبت مني المغفرة، سواء قلت: أستغفر الله، أو قلت: اللهم اغفر لي. لكن لابد من حضور القلب واستحضار الفقر إلى الله عزّ وجل.
قوله: "لَوْ أَتَيْتَنِيْ" أي جئتني بعد الموت.
"بِقِرَابِ الأَرْضِ" أي مايقاربها، إما ملئاً،أو ثقلاً، أو حجماً،خَطَايا جمع خطيئة وهي الذنوب،
"ثُمَّ لَقِيْتَنِيْ لاَتُشْرِكْ بِي شَيْئَاً" قوله: "شَيئَاً" أي لا تُشْرِكْ شركاً أصغر ولا أكبر، وهذا قيد عظيم قد يتهاون به الإنسان ويقول: أنا غير مشرك وهو لايدري، فحُبُّ المال الذي يلهي عن طاعة الله،من الإشراك لقول النبي صل الله عليه وسلم :
"تعسَ عبدُ الدِّينارِ، وعبدُ الدِّرْهَمِ، وعبدُ الخميصَةِ، تعسَ وانتَكسَ وإذا شيكَ فلا انتَقَشَ"
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3353خلاصة حكم المحدث: صحيح
فسمّى النبي صل الله عليه وسلم من كان هذا همّه: عبداً لها.
لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغْفِرَةً وهذا لاشكّ من نعمة الله وفضله، بأن يأتي الإنسان ربه بملء الأرض خطايا ثم يأتيه عزّ وجل بقرابهامغفرة، وإلا فمقتضى العدل أن يعاقبه على الخطايا، لكنه جل وعلا يقول بالعدل ويعطي الفضل
أن الإنسان إذا أذنب ذنوباً عظيمة ثم لقي الله لايشرك به شيئاً غفر الله له. ولكن هذا ليس على عمومه لقول الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) النساء:48
فقوله هنا في الحديث:"لأَتيتُكَ بِقِرَابِهَا مَغْفِرَةً" هذا إذا شاء، وأما إذا لم يشأ فإنه يعاقب بذنبه.