كمال دين الإسلام:
الإسلام هو الدين الذي أرسل الله به رسله إلى خلقه.
والدين الذي أرسل الله به محمداً صلى الله عليه وسلم إلى البشرية كلها هو الإسلام الكامل، الشامل؛ العام، الدائم، الصافي.
فكماله؛ لأنه جمع بين الجلال والجمال، وجمعت أحكامه بين العدل والإحسان والتمام.
وشموله؛ لأنه يحقق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.
وعمومه؛ لأنه رحمة للعالمين، وللناس كافة.
ودوامه؛ لأنه باقٍ إلى يوم القيامة.
وصفاؤه؛ لأن الله تكفل بحفظه، فسلم من التغيير والتبديل، ومن الزيادة والنقصان.
1- قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
2- وقال الله تعالى: {إِنَّ
الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ
عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا
بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [30] نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي
أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [31] نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ
رَحِيمٍ [32]} [فصلت: 30- 32].
3- وقال الله تعالى: {لَقَدْ
مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ
أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ
الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ
مُبِينٍ [164]} [آل عمران: 164].
4- وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [28]} [سبأ: 28].
5- وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [107]} [الأنبياء: 107].
6- وقال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [9]} [الحجر: 9].
.مظاهر الكمال في دين الإسلام:
الإسلام دين كامل يغطي جميع جوانب الحياة، ويفي بجميع الحاجات:
1- فهو الدين الحق الذي ينظم علاقة الإنسان مع ربه بعبادته وتوحيده، وتعظيمه، وطاعته، وشكره، والتوجه إليه في جميع أموره.
2-
وهو الدين الذي يملأ القلب بالإيمان بالله، والحب له، والتوكل عليه،
والخوف منه، والرجاء له، والاستعانة به، والافتقار إليه، والذل له.
3-
وهو الدين الذي يفتح للعقل أبواب معرفة الله بأسمائه وصفاته، ومعرفة النفس
البشرية، ومعرفة الدنيا والآخرة، ومعرفة أحكام الشريعة، والعمل بموجب ذلك.
4- والإسلام ينظم علاقة الإنسان مع رسل الله، ويدعو الإنسان للاقتداء بهم.
وينظم
علاقة الإنسان بأفضل رسل الله وسيدهم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم،
فيأمر الناس بمحبته، وطاعته، وتوقيره، واتباع سنته، وتصديق ما جاء به،
والاقتداء به، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.
5- وينظم الإسلام علاقة
الإنسان مع غيره من مسلم وكافر، وحاكم ومحكوم، وعالم وجاهل، وغني وفقير،
وصديق وعدو، وقريب وبعيد، ويعطي على ذلك الأجر الجزيل.
6- وينظم الإسلام معاملات الإنسان المالية بكسب الحلال، وتجنب الحرام، وعدم الغش والخداع.
ويدعو
إلى السماحة في البيع والشراء، والإنفاق في وجوه البر والإحسان، وتحري
الصدق، وتجنب الكذب والربا، ويبين كيفية توزيع الصدقات، وقسمة المواريث
ونحوها.
7- وينظم الإسلام حياة الرجل والمرأة في حال السراء والضراء، والغنى والفقر، والصحة والمرض، والحضر والسفر، والأمن والخوف.
وينظم
حياة الإنسان الزوجية بالعدل والإحسان، وحسن تربية الأولاد، وصيانة الأسرة
من الفساد، وحسن معاشرة الزوج والزوجة، ويعطي على ذلك الثواب العظيم.
8-
وينظم الإسلام سائر العلاقات على جسور متينة من أحسن الأخلاق كالحب في
الله، والبغض في الله، ويدعو إلى مكارم الأخلاق، وجميل الصفات، كالكرم
والجود، والعفو والصفح، والحلم والحياء، والصدق والبر، والعدل والإحسان،
والرحمة والشفقة، واللطف واللين ونحو ذلك، ويعطي على ذلك الأجر العظيم.
9-
وينظم الإسلام طريقة الحياة بالأمر بكل خير، والنهي عن كل شر وفساد وظلم
وطغيان، كالشرك بالله، والقتل بغير حق، والزنا، والكذب والكبر، والنفاق
والخداع، والمكر والكيد، والعداوة والحسد، والغيبة والنميمة، والغصب
والسرقة، والسحر والخمر، وأكل أموال الناس بالباطل ونحو ذلك من الفواحش
والمحرمات والكبائر التي تفسد الفرد والمجتمع، ويعاقب على ذلك بما يرفع
الظلم.
10- وينظم الإسلام بعد ذلك كله حياة الإنسان في الآخرة، ويجعلها مبنية على حياته في الدنيا.
فمن جاء بالإيمان والأعمال الصالحة سعد في الدنيا، ودخل الجنة في الآخرة.
ويجازي الله العباد الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسيئة بمثلها.
1- قال الله تعالى: {قَدْ
جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ [15] يَهْدِي بِهِ
اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ
الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ [16]} [المائدة: 15- 16].
2- وقال الله تعالى: {وَمَنْ
يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [13] وَمَنْ
يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا
خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [14]} [النساء: 13- 14].
.2- حكمة خلق الإنسان:
.حكمة خلق الكائنات:
خلق الله عز وجل هذا الكون العظيم ليدل به عباده على كمال علمه وقدرته وعظمته، وجعل كل شيء فيه يسبح بحمد ربه.
وإذا
عرف الإنسان ذلك، أقبل على عبادة ربه وحده لا شريك له، وحقق مراد الله منه
بطاعته وطاعة رسله، وشارك المخلوقات الأخرى في كمال العبودية والطاعة.
1- قال الله تعالى: {اللَّهُ
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ
يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا
[12]} [الطلاق: 12].
2- وقال الله تعالى: {وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [56] مَا أُرِيدُ
مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ [57] إِنَّ اللَّهَ
هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [58]} [الذاريات: 56- 58].
.المراحل والدُّور التي يمر بها الإنسان:
خلق الله الإنسان وجعله يمر بمراحل وأزمنة وأمكنة وأحوال ثم ينتهي بالقرار والخلود إما في الجنة أو النار.
والمراحل والدُّور التي يمر بها الإنسان أربع:
.الأولى: بطن الأم:
وهي
أول مرحلة يمر بها الإنسان، وأول دار يسكنها، وإقامته فيها تسعة أشهر، هيأ
الله العليم القدير له في هذه الدار المظلمة كل ما يحتاجه من الطعام
والشراب، وما يناسبه من السكن والمأوى.
وهو في هذه الدار غير مكلف بعمل؛ لعجزه وضعفه.
والحكمة من وجوده في هذه الدار أمران:
تكميل الأعضاء الداخلية.. وتكميل الأطراف الخارجية.
ثم يخرج إلى الدنيا بعد اكتمال خلقه ظاهراً وباطناً.
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ
خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ [12] ثُمَّ جَعَلْنَاهُ
نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ [13] ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً
فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا
فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ
فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [14]} [المؤمنون: 12- 14].
.الثانية: دار الدنيا:
وهذه الدار أوسع من بطن الأم، وهي بالنسبة إليها كالذرة بالنسبة للجبل، والإقامة فيها أكثر مدة من بطن الأم.
وقد
هيأ الله للإنسان في هذه الدار كل ما يحتاجه من النعم، وزوده بالعقل
والسمع والبصر، وأرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب، وأمره بالإيمان به
وطاعته، ونهاه عن الكفر والمعاصي، ووعد المؤمنين به الجنة، وتوعد الكفار
بالنار.
والحكمة من وجود الإنسان في هذه الدار أمران:
تكميل الإيمان.. وتكميل الأعمال الصالحة.
ثم يخرج الإنسان مع عمله من هذه الدار إلى الدار التي تليها.
1- قال الله تعالى: {أَلَمْ
تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي
الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا
كِتَابٍ مُنِيرٍ [20]} [لقمان: 20].
2- وقال الله تعالى: {يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ
مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [21] الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ
الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا
لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [22]} [البقرة: 21- 22].
.الثالثة: دار البرزخ:
دار البرزخ في القبر، والقبر أول منازل الآخرة.
ويبقى الإنسان فيه حتى يكتمل موت الخلائق، وتقوم الساعة.
وإقامة
الإنسان فيه أكثر من إقامته في دار الدنيا، والأنس والبؤس فيه أوسع وأكمل
من دار الدنيا، والجزاء فيه بحسب عمل الإنسان في الدنيا، فهو إما روضة من
رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.
يبدأ فيه الجزاء، ثم ينتقل منه إلى دار الخلود إما في الجنة أو النار.
قال الله تعالى: {إِنَّ
الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ
عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا
بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [30] نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي
أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [31] نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ
رَحِيمٍ [32]} [فصلت: 30- 32].
.الرابعة: الدار الآخرة:
وفي هذه الدار تكون الإقامة المطلقة، وهي دار القرار.
فمن
أكمل في الدنيا ما يحب الله من الإيمان والأعمال والأخلاق، أكمل الله له
يوم القيامة ما يحب من الخلود والنعيم، مما لم تره عين، ولم تسمعه أذن، ولم
يخطر على قلب بشر.
ومن اشتغل بما يسخط الله من الكفر والشرك والمعاصي فجزاؤه جهنم خالداً فيها.
والداران الأُوليان من عالم الشهادة، والأُخريان من عالم الغيب، وكلٌّ حق، وكلٌّ سيراه الإنسان ويعلمه.
وكلما خرج المؤمن من دار زهد فيما كان عليه أولاً، حتى يستقر في الجنة.
1- قال الله تعالى: {وَيَوْمَ
تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ [14] فَأَمَّا الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ [15]
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ
فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ [16]} [الروم: 14- 16].
2- وقال الله تعالى: {وَعَدَ
اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ
عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ [72]} [التوبة: 72].
.كمال نعيم القلب:
خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وكرمه على كثير من خلقه، وجعل لكل عضو من أعضائه كمالاً يسعد به.
فجعل كمال العين بالإبصار، وكمال الأذن بالسمع، وكمال اللسان بالنطق.. وهكذا.
وإذا عدمت هذه الأعضاء كمالها حصل لها الألم والنقص والقلق.
وكذلك
جعل الله كمال القلب ونعيمه وسروره ولذته وطمأنينته في معرفة ربه، ومحبته،
وعبادته، والأنس به، والتوكل عليه، والاستعانة به، وطاعته، والعمل بما
يرضيه.
وإذا عدم القلب ذلك كان أشد عذاباً واضطراباً من العين التي فقدت النور، والأذن التي فقدت السمع.
ومن
جهل ربه وما يجب له، فهو في عذاب دائم؛ لأنه محروم مما يشتهي ويحب، فالقلب
السليم يبصر الحق كما تبصر العين الشمس، ويتلذذ بالإيمان والعمل الصالح
كما يلتذ الجسم بالطعام والشراب.
وقد خلق الله الإنسان ليكون عبداً، وهو مخير: فإما أن يكون عبداً لله، أو يكون عبداً للشيطان.
فالله يأمر بالإيمان والطاعات والخير، والشيطان يأمر بالكفر والمعاصي والشر.
فمن وجد نفسه في الإيمان والطاعات فهو عبد لله.
ومن وجد نفسه في الكفر والمعاصي فهو عبد للشيطان.
1- قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [28]} [الرعد: 28].
2- وقال الله تعالى: {اللَّهُ
وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ
النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ [257]} [البقرة: 257].
3- وقال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [6]} [فاطر: 6].
.فقه العبادة والعبودية:
العبادة جسد، والعبودية روح.
والعبادة لها بداية ونهاية كالصلاة والصوم والحج ونحوها.
والعبودية عمل قلبي لا ينفك عن العبد، شعور دائم أنك عبدٌ لله.
وروح العبادة العبودية، وهي الافتقار الدائم لله.
وروح الكفر الطغيان الاستغناء عن الله.
والله يريد منا تكميل العبودية، وكمالها بأمرين:
العبودية المطلقة.. والعبادة المشروعة.
وتحصل الرغبة في طاعة الله بأربعة أشياء:
اليقين على الله وأسمائه وصفاته.. واليقين على خزائنه.. واليقين على وعده.. واليقين على وعيده.
فإذا جاء الشك في ذلك أو بعضه أحجمت النفس عن الطاعات، وأقبلت على المعاصي، وقعدت على موائد الشيطان.
1- قال الله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [102]} [الأنعام: 102].
2- وقال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [110]} [الكهف: 110].
.3- حاجة البشرية إلى الإسلام:
.حاجة الخلق إلى الدين:
حاجة
الناس إلى الدين أعظم من حاجتهم للطعام والشراب، بل لا نسبة بينهما؛ لأنهم
بدون الدين يخسرون الدنيا والآخرة، وبدون الطعام يخسرون الدنيا فقط.
فالدين حياة، ونور، وهدى، وشفاء، وسعادة، وأمن، وفوز، وفلاح، ونجاة.
والناس بدون الدين يكونون كالأنعام، والسباع، والشياطين.
فالأنعام ترتع في شهواتها، ولا تبالي بغيرها.
والسباع تفترس مَنْ دونها بلا رحمة.
والشياطين ليس لها عمل إلا نشر الشر والفساد.
ولرفع
البشرية من هذه الدركات لابد من الدعوة إلى الله، وبها يرتفع الناس إلى
الأفق السامق الذي يحبه الله ويرضاه كما في حياة الأنبياء والرسل.
1- قال الله تعالى: {أَوَمَنْ
كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي
النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا
كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [122]} [الأنعام: 122].
2- وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ [12]} [محمد: 12].
3- وقال الله تعالى: {فَمَنِ
اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى [123] وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ
ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَعْمَى [124] قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ
بَصِيرًا [125] قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ
الْيَوْمَ تُنْسَى [126] وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ
يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى
[127]} [طه: 123- 127].
4- وقال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [6]} [فاطر: 6].
.فقه الدنيا والآخرة:
جعل الله عز وجل لكل شيء زينة ومقصداً.
فالنباتات لها زينة، وهي الأوراق والأزهار، ولكن المقصد الحبوب والثمار.
والثياب لها زينة وهي الألوان، ولكن المقصد الوقاية وستر العورة.
وكذلك الدنيا زينة، وكل ما عليها زينة لها، ولكن المقصود من الدنيا الإيمان، والعمل الصالح.
فالدنيا زينة، والمقصد الآخرة، وكل من نسي المقصد تعلق بالزينة، واشتغل بالمخلوق عن الخالق.
والأنبياء
والرسل وأتباعهم يشتغلون في دنياهم بالمقاصد الكبرى، وهي الإيمان، والعمل
الصالح، وأهل الدنيا يشتغلون بالزينات، واللهو، واللعب.
والله سبحانه أمرنا أن نأخذ من الدنيا بقدر الحاجة، ونعمل للآخرة بقدر الطاقة، وكل ما أعان من الدنيا على الدين فهو عبادة.
وإذا
تعارضت في حياتنا الأشياء والزينات مع المقصد الأعظم، وهو عبادة الله وحده
لا شريك له، وطاعة الله ورسوله، ونشر دينه وإبلاغه، قدَّمنا ما يحبه الله
ورسوله على ما تحبه النفس، وقدمنا حاجات الدين على حاجات الدنيا.
ومَنْ
أكمل محبوبات الرب في الدنيا من الإيمان والعمل الصالح، أكمل الله محبوباته
في الآخرة بكمال النعيم والخلود في الجنة مع رؤية الرب ورضوانه.
1- قال الله تعالى: {وَابْتَغِ
فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ
الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ
الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [77]} [القصص: 77].
2- وقال الله تعالى: {اعْلَمُوا
أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ
بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ
أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ
يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ
اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ
الْغُرُورِ [20] سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ
عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا
بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ
وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [21]} [الحديد: 20- 21].
3- وقال الله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [7]} [الكهف: 7].