بسم الله الرحمن الرحيم .
إن من أسوأ ما يصاب به المنتسب الى العلم والدعوة الى الله تعالى ان يكون معتدا بنفسه الى حد الغرور والعجب , المفضي الى احتقار الغير
وغمط فضل الناس والحط من شأنهم , ومداخل هذا الداء كثيرة من أهمها : الرغبة في الدنيا , وطلب الرياسة , والمحمدة , والتكثر بالأتباع
وجحد فضل العالم , وسبقه وتقدمه , وسوء الظن وغمزه , فإذا ألمت هذه الآفات بقلب عبد فقد اصيب في مقتل , فكيف اذا اجتمعت وهي تجتمع
لا محالة , لأن سريان احداها يستتبع التي تليها , والذي يدفع اوضار هذا السقم وأوحاله هو شهود العبد لربه أنه الغني عن كل ماسواه , وشهادته
عن نفسه انه المحتاج الفقير الى ربه كل لحظة وكل حين وان الخير كله بيد الله , وأن النعمة كلها من عند الله , وأي شيئ يصيبه من ذالك هو من
فضل الله ومنة منه سبحانه وتعالى . وعندها يدرك أن ليس لنفسه فضل على احد .
قال ابن تيمية " العارف لايرى له على احد حقا , ولا يشهد له على غيره فضلا , ةلذالك لايعاتب ولايطالب ولا يضارب " .
فاالذي يملأ الدنيا معاتبة ومضاربة ومطالبة , ولا يعترف بخطأ ولا يرجع عن زلل ولا يشكر ناصحا , بل يستجمع اتباعه ’ ويهيج اشياعه , ويصوب سهامه
الى ناصحيه الذين في زعمه لم يفهموا قصده ولم يدركوا مرامه وانهم هضموه حقه , فيكثر تشغيبه و تهويله , ولا يعبأ بحرمات مرعية , وهذا كله بسبب الغلو
في الأعتداد بالنفس . الذي يسدل غشاوة على قلب الأنسان وبصره , فيحال بينه وبين سماع الحق والأذعان له وقبوله وتسوء ظنونه , فتضطرب احكامه , فيشتد
في مواطن اللين , ويلين في مواطن الشدة , لاهم له سوى الأنتصار وتحقيق الغلبه ولو في عالم التوهم والأفتراض .
ولو تأمل في حاله وصنيعه , لألفاه جارا لألوان من المفاسد والشررو عليه , ولقد صدق ابن المبارك حين عرف العجب " ان ترى ان عندك شسئا ليس عند غيرك "
وقال " لا اعلم في المصلين شيئل شرا من العجب " .
ان العم النافع يورث صاحبه الألتفاف الى عيوب نفسه ونقائصها , حتى يتهوى في عينه المنصب والجاه والمنزلة , وجميع حظوظه النفسية .
يثوب ابن تيمية وهو من هو " ما لي شيئ , ولا مني شيئ , ولا في شيئ , , وكا كثيرا ما يتمثل بهذا البيت :
انا المكدي وابن المكدي ........... وهكذا كان ابي وجدي .
والمكدي هو الذي قل خيره والله الهادي .