لمن أعيش أنا؟
انه لمن الأهمية بما كان أن يعرف الإنسان وأن يحدد فكرته التي يعيش لها وغايته التي يسعى إليها فلمن أعيش أنا؟
انه سؤال طرحه الشيخ الإمام المصلح عبد الحميد بن باديس على نفسه ليجيب عليه بنفسه، ساعيا من وراء ذلك للتنبيه إلى ضرورة وخطورة هذا الأمر، فلنتمعن في مقالته رحمه الله ولنتخذ منها مبدأ لتحديد فكرتنا وغايتنا من الحياة.
تساءل الشيخ ابن باديس قائلا: لمن أعيش أنا؟
وأجاب قائلا: أعيش للإسلام والجزائر
وأضاف بالقول
قد يقول قائلا :إن هذا ضيق في النظر،وتعصب للنفس وقصور في العمل وتقصير في النفع ، فليس الإسلام وحده دينا للبشرية،ولا الجزائر وحدها وطن الإنسان ،ولأوطان البشرية كلها حق على كل واحد من أبناء الإنسانية،ولكل دين من أديانها حقه من الاحترام
فأقول:نعم إن خدمة الإنسانية في جميع شعوبها.....والحدب عليها في جميع أوطانها....هو مانقصده ونرمي إليه...ولكن هذه الدائرة الإنسانية الواسعة ليس من السهل التوصل إلى خدمتها مباشرة فوجب التفكير في الوسائل الموصلة إلى تحقيق هذه الخدمة وإيصال هذا النفع.
ونحن لما نظرنا في الإسلام وجدناه الدين الذي يحترم الإنسانية في جميع أجناسها فيقول( ولقد كرمنا بني آدم) ويقرر التساوي والأخوة بين جميع تلك الأجناس ويبين أنهم كانوا أجناسا للتمييز لا للتفضيل وأن التفاضل بالأعمال الصالحة فقط فيقول (ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )
....ويأمر بالعدل العام مع العدو والصديق....ويأمر بالإحسان العام...ويأمر بحسن التخاطب العام فيقول( وقولوا للناس حسنا) فلما عرفنا هذا وأكثر من الإسلام...علمنا أنه دين الإنسانية الذي لا نجاة ولا سعادة إلا به ...وإذا عشت له فإنني أعيش للإنسانية خيرها وشرها.
فهذا أيها الإخوان- والكلام للشيخ دائما- معنى قولي( إنني أعيش للإسلام)
أما الجزائر فهي وطني الخاص الذي تربطني بأهله روابط من الماضي والحاضر والمستقبل بوجه خاص...فأرى من الواجب أن تكون خدماتي أول ماتتصل بشيء تتصل به مباشرة.... واحسب أن كل ابن وطن يعمل لوطنه لا بد أن يجد نفسه مع وطنه الخاص في مثل هذه المباشرة وهذا الاتصال.
نعم إن لنا من وراء هذا الوطن الخاص أوطانا أخرى عزيزة علينا هي دائما منا على بال،ونحن فيما نعمل لوطننا الخاص نعتقد أنه لابد أن نكون قد خدمناها وأوصلنا لها النفع والخير من طريق خدمتنا لوطننا....
هذا-أيها الإخوة- وقد فهمتموني وعرفتم سمو فكرة العيش للإسلام والجزائر فهل تعيشون مثلي للإسلام والجزائر....ليحيا الإسلام ،لتحيا الجزائر
انتهى كلام الإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس
هم صدقوا وعملوا لأجل ماعاشو إليه فهل نحن نعيش للإسلام والجزائر؟ونعمل لأجلهما
ليحيا الإسلام لتحيا الجزائر
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته