يتألم أحدنا حين يثق ببعض الناس ويبثه أسراره ، ثم يكتشف فجأة أن ذلك البعض ليس أهلا للثقة ، ولا خزينة أمينة للأسرار .
ولم يكن يستحق منذ البداية مجرد الاهتمام ناهيك عن الاحتفاء به وفتح
حجرات قلبك له ليسكنها كما تسكن الحنايا قلب الإنسان .
والأدهى من ذلك حين تسعى إليه بملء أشواقك وخواطرك لترتاح في
روضته ، فإذا بك تكتشف أن تلك الروضة مليئة بالأشواك والمصائد التي نصبت
لاصطياد مكنوناتك لصبها في أذان الوشاة والخصوم ، وذلك ـ للأسف ـ مقابل ثمن
بخس قد يكون حقيقيا وقد لا يكون إلا مجرد وهم وسراب فلا يعود صاحبه حتى
بخفي حنين .
والغريب أنك حين تصد عن أمثال هؤلاء وتترفع عن مجالستهم أو مواجهتهم فإنهم
ينزلقون إلى هاوية اتهامك بالجبن والضعف وغيرهما من الأوصاف الذميمة التي
يمتلئ بها قاموس ثقافتهم الهشة .
إن التلاعب بمشاعر الناس أمر مستهجن منكور لا يمكن أن يقوم به إلا إنسان مريض مشوه القلب ضعيف الفكر يستغل القلوب البريئة لتحقيق
أغراض دنيئة دون عابئ بآداب الاتصال والتواصل مع الآخرين فيظهر لك
بمظهر الملاك وهو في سراديب نفسه المظلمة شيطان رجيم ..
فليحذر الواحد منا أمثال هؤلاء المخادعين بعد أن يكتشف حقيقتهم النكراء ،
طالما يستحيل الكشف عنهم منذ أول وهلة بسبب براعتهم في التقنع بلثام البراءة والسماحة والوقار