بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على خير البرية محمد صلى الله عليه وعلى اله واصحابه الاخيار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حكم الدفاع عن النفس أو العرض ولو بقتل الظالم
ما حكم الشرع في حالة تعرض أحد من المسلمين للانتهاك في عرضه، عندما يكون الشخص في رحلة برية أو بحرية أو جوية، وقد يناديك للاستغاثة بك، في حالة تلبية ذلك بدافع ديني وأخوي وإنساني، قد تقوم في أثناء دفاعك عنه بقتل أحد الأفراد المعتدين الغاصبين، علماً أنك لم تبخل بأي وسيلة لعدم التعرض لقتله، ولكن اضطررت إلى ذلك؛ لأجل دفعه عن عرض أخيك المستنجد بك، الذي معه نساء، أو يعتدى عليه هو في عرضه أو ماله أو نحو ذلك، أفيدونا ما الحال إذا كان هناك فيه قتل، وهل ينطبق على ذلك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (القاتل والمقتول في النار)؟
الواجب على المسلمين التآمر بالمعروف، والتناهي عن المنكر أينما كانوا في الطائرة أو في غيرها، وعلى المسلم أن يعين أخاه في الحق، وليس له أن يعينه في الباطل، وأن يذب عن عرضه، فلا ينبغي له أن يجلس مع المغتابين، بل ينكر عليهم ويعظهم ويذكرهم حتى لا يغتابوا إخوانهم؛ لأن الله -سبحانه- يقول: وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا[الحجرات: 12] فالغيبة منكرة ومن الكبائر، فإذا جلست مع قوم يغتابون الناس فأنت شريك لهم في الإثم؛ إلا أن تنكر عليهم أو تفارقهم، فعليك أن تنكر، فإن أجابوا فالحمد لله، وإلا فعليك أن تفارقهم، ولا تجلس معهم على ما حرم الله -عز وجل-، وإذا تعدى ...... على أخيك فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: يا رسول الله نصرته مظلوماً فكيف أنصره ظالماً؟ قال: تمنعه من الظلم) ولكن تأخذوا على يديه لتحجزه عن الظلم، هذا نصر الظالم منعه من الظلم. فإذا تعدى أحد على أخيك توسط بينهم بالإحسان في منع العدوان، تحول بينهم أنت وإخوانك جميعاً، توسطوا بينهم، تفكوا مشكلهم، تمنع هذا من هذا، وإذا كان لهم دعوى أو خصومة بعد ذلك تتصلوا بالمحكمة، لكن لا تتركونهم في الطائرة أو في السيارة أو في الباخرة أو في أي مكان يتقاتلان، ويظلم أحدهم الآخر، فتوسطوا بينهم، وحلوا مشكلهم، وامنعوا هذا من هذا، وكونوا جلساء خير، وأعواناً في الخير، تنصروا المظلوم، وامنعوا الظالم، هذا هو الواجب عليك بدون قتل، أما قتل لا، لا يقتل هذا ولا هذا، بل عليكم أن تحولوا بينهم من التعدي، وأما القتل فلا يجوز الإقدام على القتل، بل هذا يؤجل إلى أن تنظر المحكمة في أمرهما، ومن كان يستحق قتلاً؛ لأنه فعل ما يوجب القتل، فهذا له شأن آخر. فالحاصل أن عليك أن تساعد أخاك في رد ظلامته، وفي منع الظلم عنه بغير قتل، أما قتل فلا؛ لأن القتل يحتاج عناية، ويحتاج إلى نظر في أسباب القتل، وإنما تحجز بينهما، تمنع هذا من التعدي على هذا أنت وإخوانكم الحاضرون تتعاونون على منع هذا من ظلم أخيه، وإذا كانت لهم دعوى تؤجل حتى يصلوا إلى محلهم، أو إلى بلد أخرى في القضاء، فيتحاكمون إلى القضاة فيما أشكل بينهم، لكن موضوع القتل موضوع كبير وعظيم، فليس لأحد أن يقتل الآخر، بل عليه أن يتوقف وعلى أنصارهما أن يحولا بينهما وبين ذلك حتى لا يقع قتال. بارك الله فيكم. س/ لو كان مع الشخص نساء وهو في البر واعتدي على عرضه واستغاث بأحد الناس واضطر صاحب النساء والمساعد له أن يدافع عن عرضهما؟ هذا يدافع فإن قتل فهو شهيد، وإن قَتلَ الظالم فلا شيء عليه. ربما هذا هو مقصود السائل يا شيخ؟ المقصود أنه إذا اعتدي على عرضه أو أراد قتله أحد فهذا له أن يدافع، (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد) ثبت في الصحيح أن رجلاً قال: (يا رسول الله! الرجل يأتيني يريد مالي، قال: لا تعطيه مالك، قال: أرأيت إن قاتلني، قال: قاتله، قال: فإن قتلني، قال: فأنت شهيد، قال: فإن قتلته، قال: فهو في النار)، هذا رخصه النبي في الدفاع -عليه الصلاة والسلام- يدافع عن ماله، فالعرض أكبر، الدين أكبر، فإذا أراد الظالم أن يتعدى على زوجته أو بنته أو أمه فله أن يمنع ذلك بما استطاع، إذا امتنع بالكلام أو بالعصا منعه، فإن لم يمتنع إلا بالقتل بالسيف والسكين ونحو ذلك فله ذلك، فإن صُدِّق من جهة ولاة الأمور فلا قصاص عليه إذا ثبت ما يدل على صدقه، وإن لم يثبت فهذا يرجع إلى المحكمة في التحري في الحقائق والنظر في الواقعة، فإن ثبت ما يدل على صدقه وإلا فعليه القصاص. بارك الله فيكم