الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظُلْم الشهوات ، وأخلص عقولهم عن ظُلَم الشبهات
أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة ، وبراهين عظمته القاهرة ، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله
واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات ، شهادة تقود قائلها إلى الجنات
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، والمبعوث إلى كافة البريات ، بالآيات المعجزات
والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة ، وأصحابه الفضلاء الثقات
وعلى أتباعهم بإحسان ، وسلم كثيرا
فإن اصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها،
وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار
ــــ أعاذنا الله وإياكم من النار ــــ
ثم أما بعد :
تحية طيبة لكل الإخوة مشرفين وأعضاء ورواد منتديات ستار تايمز وبالأخص منتدانا الحبيب
~ منتدى الحديث و السيرة النبوية~
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
شرح الحديث الشريف - الشرح المختصر
استوصوا بالنساء خيرا
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ))
(صحيح البخاري)
من الخطأ الفادح أن تظن أن المرأة كالرجل، هذا ينطلق من قوله تعالى:
﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾
(سورة آل عمران)
بنية المرأة: بنية المرأة الفكرية والجسمية والنفسية والاجتماعية تختلف كلياً عن بنية الرجل، وما ميل كل منهما للآخر إلا لأن كل واحد يكمل نقصه في الآخر، فالنقص الانفعالي والعاطفي عند الرجل يكمله بزوجته، المرأة دائماً متأججة العاطفة محبتها اهتمامها غيرتها عطفها، بل إن الرجل يعد زواجه أحد فصول حياته، أما المرأة يعد زواجها كل فصول حياتها، فلذلك حينما قال الله عز وجل:
﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾
(سورة الروم)
علة السكن أن المرأة تكمل نقصها بالرجل، فتسكن إليه وأن الرجل يكمل نقصه بالمرأة فيسكن إليها وحينما نفهم أن النساء والرجال متشابهون وقعنا في خطأ كبير.
يروى أن قضية المرأة والرجل ثارت في مطلع عصر النهضة في مصر، وثار نقاش عميق وخلافات وكل إنسان أدلى برأيه وبقت المعركة طاحنة سنوات عديدة ثم عقد مؤتمر بجامعة القاهرة لكي يحسم هذا الموضوع، إنسان حسم الموضوع لا بمحاضرة، جاء بكيس فيه بضع فئران وأطلقهم فالنساء كلهن خافت ! فرق واضح بين المرأة والرجل، حينما كنا في جامعة دمشق كلية التربية درسنا كتاب يسمى الكتاب الأول في الفروقات الدقيقة بين النساء والرجال، والموضوع حول الأطفال، الكتاب ثمانمائة صفحة يدرس حول جامعات العالم تقرأه لا تجد عنواناً له أفضل من قوله تعالى:
﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾
(سورة آل عمران)
2- اهتمامات المرأة:
قضية الذاكرة عند المرأة غير الرجل، قضية التفكير والمحاكمة والانفعال والاهتمامات
، المرأة نمطها جمالي، يهمها ترتيب البيت، وتنظيفه، وتجديد الأثاث، والدهان، اهتمامات كبيرة، لو كنت تأتي البيت فتجدها متابعة للأخبار كلمةً كَلمةً، تفهم تماماً مراكز القوى، لكن البيت في حالة فوضى، ولا يوجد طعام، تكاد تخرج من جلدك، هي ليس لها ميول للأخبار، لكنها جمالية، الله برمجها هكذا.
فكل إنسان ينتظر أن تكون زوجته مثله يكون جاهلا، لذلك قالوا: دارها تعش بها.
(( وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ ))
يوجد انحناء لكن بسيط، فقد يكون الانحناء هو الكمال ! لاحظ عظام القص لو لم تكن منحنية لا تحتمل كمالها في انحنائها، هكذا قالوا، النقص كمال ! السيارة الشاحنة مكان الركاب مكان ضيق، وأكبر مكان للبضاعة، أليس هذا هو الكمال في الشاحنة ؟ لأن مهمتها نقل البضاعة، سيارة الركاب أكبر مكان للركاب، وأقله للبضاعة، وهذا كمال فيها، فما نقص من مكان الركاب، وزاد من مساحة الشحن كمال في الشاحنة، وما نقص من كمال البضائع، وزاد في مكان الأشخاص كمال في السيارة السياحية، فقد يكون النقص كمالا والكمال نقصًا، على كل المرأة والرجل متكاملان، وهي مساوية له في التكليف والتشريف، والمسؤولية.
أما الآية:
﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾
والدليل:
﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾
(سورة البقرة)
هذه درجة القيادة، قد يكون ضابطان في رتبة واحدة، لا بد من تميز أحدهما بالقيادة، فالقيادة تحتاج قرارًا واحدًا، لذلك حينما فضل الرجل على المرأة فضل بدرجة القيادة.
وكان عليه الصلاة والسلام فيما ورد في الأثر:
(( إذا دخل بيته كان بساماً ضحاكاً، وكان يقول: أكرموا النساء فما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم ))
(( وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ ))
أعلى مكان بالضلع هو الرأس، صعب أن تقنعها، فكل إنسان يتخيل زوجته عندها قوة تفكيره واهتماماته يكون على خطأ.
دخل ملك بستانًا فوجد صاحب البستان أحضر حصانًا، وأعصب له عينيه، ويدور ليخرج الماء من البئر، فالملك ذكي جداً، لفت نظره أن هذا الحصان معصوب العينين، وفي عينه جرس، فاستدعى صاحب البستان، وقال له: لِمَ عصبت عينيه ؟ قال: لئلا يصاب بالدوار، قال: ولمَ وضعت في عنقه الجلجل ؟ قال: لئلا يقف، فإذا وقف الصوت عرفت أنه توقف الحصان، فكر الملك، ثم قال: وإذا توقف وهز رأسه ؟ قال الفلاح: وهل له عقل كعقلك !
أحياناً يريد الإنسان أن تكون زوجته مثله، لا ليست مثلك، اهتماماتها غير اهتماماتك، ورغباتك وبنيتك وتوجهك..... فحينما تضع المرأة في مكانها الصحيح فأنت على حق، أما حينما تتمناها أن تكون مثلك فأنت جهلت الحقيقة.
(( وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ))
وفي رواية:
(( كسرهن طلاقهن، فاستمتعوا بهن على عوج، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ))
قضية العمر رجل ذكي يداري زوجته وهي تداريه تمشي الأمور، والعياذ بالله عدد الأزواج المخفقين في زواجهم عدد كبير جداً، هي عنيدة، وهو عنيد كل عمرهم مشاكل.
جاء أخ قال: والدتي مطلقة، وتسكن عند أبي، كل يوم يتشاجرون، عندها ثلاثة شباب، فالشجار بشكل دائم، هذا يسبب ضياع الأولاد، الطفل يلزمه جو من الأنس والمحبة حتى ينشأ على هذه القيم، فأخطر شيء أن ينشأ الشباب في بيت فيه خصومات، فالنبي وجهنا توجيه رائع جداً قال:
(( وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ))
مداراة الرجل لامرأته من تمام الحكمة والعقل:
ثلاثة تداريهم: زوجتك دارها تعش بها، قلبك تداريه تعش به، وسيارتك، زوجتك وقلبك وسيارتك، والعاقل يداري.
إخواننا الكرام، يمكن أن تكون سعيدًا مع زوجة من الدرجة الخامسة بالحكمة، ويمكن أن تشقى بزوجة من الدرجة الأولى بالحمق، المداراة بذل الدنيا من أجل الدين، والمداهنة بذل الدين من أجل الدنيا.
الحديث الثاني: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(( إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا ))
(صحيح مسلم)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ))
(صحيح مسلم)
لا يفرك أي لا يكره، مرة زارني أخ يريد أن يطلق زوجته، فأنا استدرجته قلت له: هل تخونك ؟ قال: أعوذ بالله، أنقى من ماء السماء ! قلت له: قذرة ؟ قال: لا والله هي نظيفة ! هل تطهو لك الطعام ؟ قال: طعامها لذيذ جداً، ثم خجل بنفسه، لم يكمل، قال: لا يوجد مشكلة أستاذ، لا يوجد مشكلة !!!!!! عندما وجد طبخا جيدًا، وأخلاقها عالية، ونظيفة يجب أن يختصر.
فلذلك:
(( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ))
إذا كره الرجل زوجته يتذكر ميزاتها، والله إذا أصاب الرجلَ شكوكٌ بزوجته صارت حياته جحيمًا، فمن عنده زوجة شريفة وعفيفة وطاهرة لا تقدر بثمن، لا أحد دخل البيت وأنت في عملك، يوجد بعض الناس هذه مشكلتهم الكبيرة، فإذا كره الرجل زوجته يذكر ميزاتها، يعطيها إجازة، قال:
(( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ))
هكذا علمنا النبي، وهو نوع من التوجيه النبوي، فالمداراة وأنصاف الحلول وقليلاً منك، و منها تحل المشكلة.
يوجد شخص كلامه قاس عنيف، يده والضرب، وزوجة عنيدة.
يوجد حديث خطير جداً: من عنده امرأة لسانها طويل لا تحترمه، تسيء له، وأبقاها عنده لا يقبل دعاءه ! الله قال لك: انتهي منها، لا ينتهي منها، أنت حر، لن أرد عليك أنا ! إذا كان هناك نساء ـ والعياذ بالله ـ سيئات جداً فألف واحدة تتمنى زوجًا.
هذه الأحاديث الثلاثة بمعنى واحد:
(( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ))
والله عز وجل قال:
﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾
(سورة النساء)
معنى المعاشرة بالمعروف:
وقال علماء التفسير: ليست المعاشرة بالمعروف أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها، بل أن تتحمل الأذى منها.
وكان عليه الصلاة والسلام إذا دخل بيته كان بساماً ضحاكاً، وقال: أكرموا السناء، فما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم.
والمرأة بالمدح والإكرام والمودة يزيد جمالها، وبالقسوة والتدقيق والتفتيش الدائم يصفر لونها، دائماً خائفة، وأسوأ عادة الرجل أن يتكلم بكلمة الطلاق، سأطلقك، أنت تمزح، لكن هي صدقت، جعلتها تعيش بقلق دائم !
هذا الموضوع يكون مغلقًا، مادامت إجمالاً جيدة فطمئنها، يوجد أزواج لا يحلو لهم المزح إلا بالطلاق.
والله أتألم أشد الألم، تمزح بكيانها وبمصيرها، قد يكون أبوها متوفي وإخوتها مسافرين، ولا أحد لها، سأطلقك، أو أتزوج عليك، إما افعلها أو اسكت، وهذا نوع من الحمق، عندما يتكلم بهذا الموضوع تبقى هي نافرة وخائفة.