منال موسى سالم، من سكان قرية مجاورة لنابلس، حلمت طوال حياتها في الصلاة في المسجد الأقصى. يوم الجمعة الأخير خرجت لتحقيق الحلم، لكنه انفجر، عند حاجز شعفاط، بعد إصابتها في وجهها بقنبلة صوتية أطلقها حرس الحدود الإسرائيلي...
علي واكد
عندما سمعت منال موسى سالم (28 عاماً) وهي أم لأربعة أطفال من قرية قريوت، قرب نابلس، بأن نساء من قريتها زرن المسجد الأقصى وصلين فيه، شعرت بالحسد. ويوم الجمعة الأخير، قررت تحقيق حلمها بأداء الصلاة في المسجد الأقصى، لكن الحلم تحول إلى جحيم عندما قام أحد جنود حرس الحدود، وفي خضم نقاش وقع قرب حاجز شعفاط، بإطلاق قنبلة صوتية أصابتها في وجهها مباشرة. في حديث مع موقع "ArabYnet"، قالت منال: "جئت للصلاة وعدت محروقة ومشوهة الوجه، أريد تحقيق العدالة ومعاقبة مع من تسبب لي بعاهة مستديمة".
وروت منال سالم حكايتها قائلة إنها توجهت، مؤخراً، إلى جمعية للنساء في قريتها، أشرفت على تنظيم الرحلة إلى القدس، وتسجلت للمشاركة فيها. وفي صباح يوم الجمعة، انتظرت في مركز القرية، مع غيرها من المنتظرات وصول حافلة الركاب. وعند الساعة الثامنة صباحاً، تحركت الحافلة في طريقها إلى القدس، وشعرت منال، التي سافرت برفقة حماتها، بفرح كبير. وبشكل مفاجئ كان الطريق سالكاً بدون أي حواجز، وبعد الساعة التاسعة صباحاً بقليل، وصلت الحافلة إلى مخيم اللاجئين شعفاط، حيث كان يفترض بالمصليات مغادرة الحافلة واجتياز الحاجز العسكري، ومواصلة طريقهن إلى الأقصى بسيارات ركاب مقدسية.
وعندها بدأت مشاكل منال سالم، فقد أعلن شرطيان من وحدة حرس الحدود أنه "يمكن للنساء اللواتي تتجاوز أعمارهن الـ 50 عاماً، فقط، عبور الحاجز، أما البقية فطلب إليهن العودة من حيث أتين. وتمسكت سالم بحماتها ابنة السبعين وحاولت مخاطبة قلوب الجنود، قائلة إن حماتها مسنة وتحتاج إلى مساعدتها. وقالت لمحققي "بتسيلم" إنها تحدثت مع "جندي طويل وآخر قصير"، لكنهما أمراها بالرجوع مع بقية النساء اللواتي لم يسمح لهن بالمرور.
وخلال نقاش وقع بين الجنود والنساء، هدد الشرطيان بإلقاء قنابل صوتية باتجاه النساء، وكانت سالم والنساء الأخريات اللواتي منعن من الدخول، قد بدأن بالتراجع نحو شعفاط، عندما سمعت منال دوي انفجارين، كانا آخر ما سمعت في ذلك اليوم. لقد أمسكت منال بوجهها المصاب وشعرت بجلدة وجهها تذوب، وبدأت الصراخ طالبة النجدة. واجتمعت النساء من حولها، وكانت معهن شقيقتها، وطلبوا من الجنود تقديم المساعدة لها. وقالت منال في أفادتها إن كل ما سمعته من الجنديين هو "روحي على البيت- روحي على البيت". لكنهما عندما أدركا خطورة إصابتها أبلغاها أن هناك عيادة قريبة.
حرس الحدود: "فرقنا جمهرة مشاغبة"
في طريقها إلى العيادة، التقت منال بمجموعة من السكان المحليين الذين أبلغوها أن عليها الإصرار ومطالبة الجنود بتقديم المساعدة لها، وبالفعل توجهت منال ومن بقي معها من النساء نحو الجنود وطلبن تقديم المساعدة لها، وعندها، فقط، طلب الجنود سيارة إسعاف قامت بنقل منال إلى مستشفى هداسا – عين كارم. لكن مشاكل منال لم تنته عند ذلك الحد، إذ لم تتمكن سيارة الإسعاف من الدخول إلى منطقة المستشفى، إلا بعد نصف ساعة من المفاوضات مع إدارته.
وتم إدخال منال إلى غرفة العمليات حيث أجريت لها عملية استغرقت ثلاث ساعات، وقام الأطباء بزرع جلد لها. وبعد العملية أبلغها الطبيب أنها تحتاج إلى ثلاثة أشهر، على الأقل، حتى يلتئم الجرح.
في حديث مع "ArabYnet"، قال شقيق منال، مؤيد، إن تكاليف العلاج في المستشفى سببت مشكلة أخرى لمنال. "لم نملك المال المطلوب، ولم يتم إخلاء سبيل شقيقتي من المستشفى إلا بعد تدخل محام، تواجد هناك بالصدفة، وعمل على حل الإشكال. ليس لدينا، أيضاً، المال المطلوب لتوكيل محام يتولى تقديم دعوى ضد الجيش ويطالب دولة إسرائيل بتغطية مصاريف العلاج. لن نتمكن نحن من معالجتها وليساعدها الله، ستضطر إلى البقاء على هذه الحالة".
وقال مؤيد إنه في هذا الظرف لم يتبق للعائلة ما تطلبه من إسرائيل. "ما الذي يمكن قوله؟ الله وحده، فقط، قادر على الإسرائيليين، ونحن نصلي لله كي يساعد شقيقتي".
وفي تعقيبه على الحادث، قال الناطق بلسان حرس الحدود: "خلال عملية لتفريق أعمال شغب بالقرب من حاجز شعفاط، حيث حاول حشد من الناس اقتحام الحاجز بدون تفتيش أمني، تم استخدام وسائل لتفريق الجمهور المشاغب. نعرف عن إصابة ابنة أقليات، تواجدت في المكان، بجروح طفيفة".
الرئيسية
البوابة
