لنعيش سويا ً في فن وطرآز العمارة في آصقاع المعمورة ..
عندما يعن للمرء الحديث عن أنواع وطرز العمارة في أصقاع المعمورة،
يتبادر لذهنه على وجه السرعة صور عديدة
لروائع عمارة المسلمين في الأندلس التي لبثوا فيها
زهاء ثمانية قرون يشيدون فيها الصروح المعمارية،
التي لا تزال من أكبر الشواهد على عظمة حضارتهم في قارة أوروبا.
فعندما وصل المسلمون إلى شبه الجزيرة الأيبيرية،
كانت تحفل بكثير من آثار العمارة التي تعود لحضارات مختلفة
كالأيبيرية والرومانية، بعض هذه الآثار ذات وظيفة دينية كالمعابد،
وبعضها ذات وظيفة دفاعية كالقلاع والحصون،
ومنها ذات الوظيفة المدنية كالقصور والمسارح والقناطر ونحوها.
[color=darkblue]ولقد صبغ المسلمون مدنهم المفتوحة بطابع إسلامي مميز،
وذلك بإقامة المساجد التي تعد نواة لعمارة المدن وتمددها،
حيث أن المسجد يصبح بمرور الزمن مركز المدن والحواضر
وقلبها النابض فمنه تتفرع الطرق الكبيرة المؤدية إلى أبواب المدينة،
ثم تتفرع منها الشوارع والأزقة الموصلة للأحياء.
وحول ساحة المسجد تقام الأسواق
والحمامات والفنادق والقيساربات.
وبداخل المسجد تعقد الاجتماعات السياسية،
وتوزع ألوية الجيش، وتدرس العلوم الدينية والعلوم العامة.
وهكذا نجد أن للجامع أثراً إيجابياً على حياة المجتمع
السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ولقد كانت هذه الظاهرة تتبع في كثير من المدن التي يفتحها
أو يختطها المسلمون في شتى أصقاع المعمورة،
فهذا هو حال دمشق والاسكندرية وقرطبة وأشبيلية وطليطلة وغيرها.
ولقد كانت بلاد الأندلس بمآثرها المختلفة،
العلمية والعمرانية والفنية،
مركز إشعاع مستديم للحضارة الإسلامية منذ أن توطدت
جذور الحكم الإسلامي فيها، ولا سيما في عهد عبدالرحمن الداخل
ذلك الأمير الذي كرس حياته لبناء الدولة الإسلامية في الأندلس.
[/color
فبعهده بدأ فن العمارة يتلمس طريقه في الأبنية الدينية والمدنية.
ومازالت في الأندلس الى يومنا الحالي شواهد حية
على صدق تلك الحركة الكبرى في البناء والتشييد.
ذلك أن عناصره المعمارية والزخرفية تؤلف البذور الأولى للفن الأندلسي،
حتى أخذت زخارفه تشع في المشرق والمغرب،
بل أثرت في الزخرفة المسيحية المجاورة.
ولا شك أن عهد الانطلاقة المعمارية هذا يشف عن مثل
من أروع أمثلة العمارة الإسلامية بل العالمية في العصر الوسيط.
وبعد ذلك العصر أي عصر الإمارة،
وذروته عهد الأمير الداخل تتابعت العهود على بلاد الأندلس ،
وكلها كانت تولي اهتماما بالغا بالفن
ومظاهر العمارة المختلفة المدنية والدينية والدفاعية.
ومازالت قائمة منذ تلك العهود شواهد معمارية حية
تميز بين عهد وآخر،
وعلى الرغم من قلة هذه الشواهد المعروفة المتكاملة البناء
في عصرنا الحاضر كجامع قرطبة وحمراء وغرناطة،
ومنارة أشبيلية وبرج الذهب فيها،
إلا أن هناك الكثير من الآثار الأندلسية المتناثرة في مدن وقرى إسبانيا.