نجم الشعرى اليمانية (سيروس) هو نجم ورد اسمه صريحاً في القرآن الكريم وهو احد أقرب وألمع النجوم إلينا.
و أثبتت الدراسات الفلكية أن هذا النجم كان معروفاً في العصور القديمة لعديد من سكان الأرض وقد كانت له قدسية خاصة عندهم.
عند قدماء المصريين:
لاحظ قدماء المصريين بأن بداíأن بداية فيضان النيل مرتبطة بشروق الشمس من اتجاه النجم سيروس (الشعرى اليمانية) وهو مايسمى فلكياً بظاهرة الاحتراق الشروقي للنجم سيروس وكان هذا يحدث في صيف كل عام.
كان للنجم سيروس قداسته عند قدماء المصريين لارتباطه بفيضان النيل لذلك أسموه 'نجم إيزيس' لارتباط دموع 'إيزيس' زوجة 'أوزيريس' بفيضان النيل عندما حزنت عليه بعد مقتله على أخيه 'ست' حسب الأسطورة المصرية القديمة.
وكان هذا النجم هو قرين 'الملكات' في مصر القديمة في السماء لذلك فإن ما يسمى 'بفتحة التهوية' في الهرم الأكبر الممتد من حجرة الملكة إلى اتجاه الجنوب ما هو إلا فتحة لكي تطل منها الملكة في مرقدها على قرينها في السماء 'سيروس' عند مروره على دائرة الزوال، لذلك فإن هذه ليست 'فتحات تهوية' بل هي 'مناظير مزوالية' ثابتة متجهة لنجوم معينة في السماء حسب علم الفلك الحديث.
ونظراً للمكانة الكبيرة لنجم الشعرى اليمانية (سيروس) وقدسيته عند الشعوب القديمة جاء قول الله تعالى ليؤكد (إنه هو رب الشعرى) فلا سجود لغيره ... سبحانه وتعالى الواحد الأحد.
نجم الشعرى عند العرب القدامى :
هو نجم من نجوم برج الجوزاء شديد الضياء ويسمى : كلب الجبار ؛ لأن برج الجوزاء يسمى الجبار عند العرب أيضا ، وهو ذو كواكب كثيرة ولكثير منها أسماء خاصة ، والعرب يتخيلون مجموع نجومها في صورة رجل واقف بيده عصا وعلى وسطه سيف ، فلذلك سموه الجبار .
وسميت كلب الجبار ( لأنهم تخيلوا الجبار صائدا والشعرى يتبعه كالكلب) وربما سموا الشعرى يد الجوزاء ، وهو أبهر نجم برج الجوزاء ، وتوصف الشعرى باليمانية لأنها إلى جهة اليمن . وتوصف بالعبور بفتح العين ؛ لأنهم يزعمون أنها زوج كوكب سهيل وأنهما كانتا متصلين وأن سهيلا انحدر نحو اليمن فتبعته الشعرى وعبرت نهر المجرة، فلذلك وصفت بالعبور(على وزنفعول - بفتح الفاء- بمعنى فاعلة ).
والشعرى تسمى أيضا 'المرزم' فيقال : مرزم الجوزاء ؛ ولذلك فإنهم كنوا ريح الشمال 'أم مرزم'، ولا زالت مناطق القبائل العربية في شمال الصحراء الجزائرية والتي أتت أليها في عهد الفتوحات قادمة من شبه الجزيرة العربية، تنطق لحد الأن هذا الأسم 'المرزم'.
وأنا شخصيا قابلت أناسا كبارا في السن في هذه المناطق، لا زالوا لحد الأن ينتظرون بزوغ النجم بالتحديد ( يوم تمر 72 يوما في فصل الصيف)، وبما أنهم كانوا يعيشون حياة الترحال في الصحراء، فأنهم كانوا يقيمون في مكان واحد لا يبرحونه طيلة ال72 يوما الأولى من فصل الصيف لأنهم كانوا يخافون التنقل فيها من الظمأ، ولذلك فقد صاغوا لها مثلا شعبيا لا زال يتداول الى اليوم:
' أذا طلع المرزم ***أرحل واعزم'، أي أنه لا خوف من ظمأ لمن أراد الترحال ( بداية الاعتدال الخريفي).
و كوكب الشعرى عبدته 'خزاعة' و لم يعبدها من العرب غيرهم، والذي سن عبادته رجل من سادة 'خزاعة' يكنى 'أبا كبشة'، غير أن أدلة قليلة تقول أن 'حميرا' عبدوا الشعرى أيضا .
وتخصيص الشعرى بالذكر في هاته الأية، أنه تقدم ذكر اللات والعزى ومناة وهي معبودات وهمية لا مسميات لها كما قال تعالى: 'ان هي الا أسماء سميتموها ' ، وأعقبها إبطال إلهية الملائكة وهي من الموجودات المجردات الخفية ، أعقب ذلك إبطال عبادة الكواكب و'خزاعة' أجوار لأهل مكة، وإثبات أنها مخلوقة لله تعالى دليل على إبطال إلهيتها ؛ لأن المخلوق لا يكون إلها ، وذلك مثل قوله تعالى: ( لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن) . فهو سبحانه رب ما يعتقدون أنه من تصرفات الشعرى ، و رب تلك الآثارالتي تعقب مرورها ومقدرها، وليست الشعرى رب تلك الآثار المسندة إليها في مزاعمهم.
ربنا أتنا من لدنك رحمة، وهيئ لنا من أمرنا رشدا