يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: ( إن من أمارات الساعة أن يظهر موت الفجأة ) [رواه الطبراني].
لقد قال القدماء:
تعددت الأسباب والموت واحد
ونستطيع أن نفهم من هذه المقولة الاعتقاد السائد في الماضي
حول الموت، وهو أن الموت له سبب، مثل المرض أو الحادث أو الانتحار وغير ذلك.
ولكن أن نتحدث عن موت بلا سبب فهذا هو الموت المفاجئ والذي لم يكن معروفاً من قبل.
ما هو الموت المفاجئ؟
يعرّف العلماء الموت المفاجئ على أنه موت غير متوقع يحدث خلال فترة قصيرة لا تتجاوز الساعة من الزمن.
وتطالعنا هيئة الأمم المتحدة
كل عام بإحصائية جديدة عن عدد الذين يموتون
بنتيجة السكتات الدماغية والقلبية، وهذه الأعداد في تزايد مستمر،
وتقول لنا هذه الإحصائيات:
إن أمراض القلب هي السبب الأول لحالات الوفاة في العالم هذه الأيام.
أول من درس هذه الظاهرة علمياً
إن ظاهرة الموت المفاجئ هي ظاهرة حديثة الظهور نسبياً
، وتعتبر أول دراسة للموت المفاجئ هي دراسة فرامنغهام والتي بدأت عام 1948 ،
ويعرف فرامنغهام الموت المفاجئ أنه الموت الذي يتم في مدة أقصاها ساعة بعد بدء الأعراض.
وقد تبين بأن معظم حالات الموت المفاجئ هي نتيجة أمراض الشريان التاجي للقلب
كما بينت الدراسة أن سبب الموت القلبي المفاجئ هو
الاضطراب المفاجئ والذي قد يتولد بنتيجة عدم الاستقرار النفسي.
وأنه مهما كانت العناية مشددة ولو تم إسعاف المريض بكل الوسائل، إلا أن هذا النوع من الموت يتمكن من النجاح في مهمته!
إحصائيات
في الولايات المتحدة
يموت كل عام أكثر من 300 ألف إنسان موتاً مفاجئاً بسبب أمراض في القلب.
وتؤكد الإحصائيات أن نسبة الموت القلبي المفاجئ تزداد بشكل عام على مستوى العالم.
يحدث الموت المفاجئ دون سابق إنذار وحتى أحياناً دون أية علامات عن مرض في القلب.
إن التدخين يرفع احتمال الموت المفاجئ ثلاثة أضعاف!
كما أن الضغوط النفسية تؤثر في زيادة احتمال الموت القلبي المفاجئ.
هل يوجد علاج طبي لهذه الظاهرة؟
إن معظم الأطباء يتحدثون عن العلاج بعد وقوع السكتة
، لأنه ليس لديهم علاج حتى الآن لمثل هذه السكتات الخطيرة
، وعلى الرغم من ذلك فإن احتمالات النجاة من هذا الموت هي ضئيلة جداً.
ويؤكد الأطباء بأن الطريقة المثالية لاتقاء هذا النوع من الموت المفاجئ هو ضمان أكبر درجة من الاستقرار لعمل القلب .
ولكن ما هو العلاج
بالنسبة لأولئك الذين لا يعلمون بحالتهم
ولا يتوقع أحد أن الموت المفاجئ سيأتيهم في أي وقت دون سابق إنذار؟
إن هؤلاء قد فشل الطب حتى الآن في التنبؤ بحالتهم،
ولكن
هل تركهم النبي الرحيم صلى الله عليه وسلم أم وصف لهم العلاج؟؟
ما هو العلاج النبوي والقرآني
إن ذكر الله تعالى هو أفضل وسيلة لاطمئنان القلوب
، لأن الله تعالى يقول: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)[الرعد: 28].
فعندما يذكر المؤمن ربه فإن قلبه يستقر ولا يعاني من أي اضطراب.
ويمكنك عزيزي القارئ أن تغمض عينيك وتجعل قلبك يخشع ويستحضر عظمة الله تعالىوتقول مثلاً
(لا إله إلا الله) وانظر ما هو الإحساس الذي تحس به، ألا تشعر بأنك من أكثر الناس استقراراً وأمناً وطمأنينة!
لقد رأينا بأن سبب الموت المفاجئ
هو اضطراب مفاجئ في نظام عمل القلب
، ولذلك فقد فشل الأطباء حتى الآن بإيجاد علاج لهذه الظاهرة
، ولكن القرآن عالجها بهذه الآية الكريمة
، فتخيل نفسك عزيزي القارئ وأنت قد حفظت
كتاب الله في قلبك، ألا تتوقع أنك ستكون من أكثر الناس استقراراً!
ولقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاءً عظيماً كان يدعو به كل يوم
يقول عليه الصلاة والسلام:
(ما من عبد يقول صبح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، لم يصبه فجأة بلاء)
[رواه أبو داوود].
وقد كان النبي الكريم يدعو بهذا الدعاء أيضاً:
(اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بك أن أُغتال من تحتي)
[رواه الترمذي].
الإعجاز النبوي الشريف
لا يمكن لأحد أن يتنبأ بأن الموت المفاجئ سيكثر
لأنه لم يتمكن أحد من معرفة هذا الأمر إلا منذ سنوات قليلة
عندما تمكن العلماء من إجراء إحصائيات دقيقة وكانت المفاجأة أن الأرقام
التي حصلوا عليها لم تكن متوقعة، فقد كانت نسبة الذين يموتون موتاً مفاجئاً مرتفعة جداً.
يقول العلماء اليوم:
إن ظاهرة الموت المفاجئ لم يتم تمييزها ودراستها إلا منذ خمسين سنة فقط! ولم يتم دراستها طبياً إلا منذ عشرين سنة
إن الموت المفاجئ
لم يكن معروفاً في زمن النبي عليه الصلاة والسلام
، لأننا لا نجد في أقوال الشعراء والأدباء وقتها ما يشير إلى هذا النوع من أنواع الموت، والدليل على
ذلك أن النبي الكريم عدّ الموت المفاجئ من علامات الساعة، ولو كان هذا الموت معروفاً في زمن النبي لاعترض المشركون على هذا الحديث!
فكما نعلم
فإن الكفار لم يتركوا شيئاً إلا وانتقدوه
، ولو كانت ظاهرة الموت المفاجئ منتشرة وقتها
، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم واعتبر أن هذا الموت سيظهر في آخر الزمان
عند اقتراب يوم القيامة، لو حدث هذا لاستغرب الناس من هذا الحديث، إذ كيف يحدثهم عن شيء موجود!!
ولذلك يمكن اعتبار هذا الحديث
معجزة طبية للرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام
، تحدث من خلاله عن ظاهرة لم يكتشفها علماء الغرب إلا منذ عقود قليلة.
وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى (النجم 3-4).