إن الحقيقة التاريخية المؤكدة هي
أن علم الأرقام والأعداد والحساب والرياضيات
لم ينهض بمستوى علمي معقول متميز فعال إلا على أكتاف علماء المسلمين ،
في حوالي القرن الثاني الهجري ،
حيث تمكنوا من إخراج الأرقام والأعداد من نطاق محدود ضيق ،
إلى أفق واسع متطور ،
ارتبط بعلم الحساب والجبر والهندسة ،
وأن المسلمين إبان نهضتهم قد وضعوا مفهوم الصفر الذي هو في الواقع أعظم ابتكار عرفته الإنسانية ، وأسست عليه علومها ، وتقدمها ، وحضارتها الحديثة
.
لقد غير إدخال الصفر على الأرقام العربية المفاهيم البالية ،
وجعل الأرقام تستقيم في مواقعها الصحيحة بسهولة ويسر دون لبس أو تعقيد ،
والواقع أن الصفر بالنسبة لنا الآن أصبح أمرا سهلا ،
لا يحتاج إلى تفكير أو عناء ،
لأننا نتعلمه ونحن أطفال ،
لكن الوضع كان مختلفا عند ابتكاره وفي بداية استعماله ،
إذ إنه كان في ذلك الوقت صعب الفهم والاستعمال ،
ويمكن للمرء الآن أن يتصور كيف ستسير الأمور دون استعمال الصفر ،
كما أن إدخال الصفر في المعادلات الجبرية العربية قد فتح مجالا وآفاقا جديدة أمام علماء ذلك العصر ،
لم تكن معروفة قبل ذلك الحين
.
لقد استعمل العرب كلمة الصفر للدائرة التي تملأ الفراغ بين الأرقام العربية ،
وفي نفس الوقت تعني "لا شيء" ،
وقد أخذ كثير من الشعوب تسمية الصفر من العربية ،
فالأسبان يسمون الصفر "ثيرو" ، والإنجليز يسمونه "زيرو" أو "صايفر" ، أما باللغة الفرنسية فهو "شيفر" ، وفي اللغة الإيطالية اسمه "زفرو" ، ولكن الألمان سموا الصفر "زفر".
م.ق