"البقيع"، أشهر المقابر على مستوى العالم الإسلامي، وتعد المقبرة الرئيسية لأهل المدينة المنورة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث دفن فيها رفات أهل المدينة ومن توفى فيها من المجاورين والزائرين أو نقل جثمانهم على مدى العصور الماضية، وفى مقدمهم آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.
تقع مقبرة البقيع شرق المسجد النبوي الشريف، وقد دفن بها أكثر من عشرة آلاف صحابي، منهم ذو النورين عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم عدا السيدة خديجة والسيدة ميمونة رضوان الله عليهما. كما دفنت فيها ابنته فاطمة الزهراء، وابنه إبراهيم، وعمه العباس، وعمته صفية، وزوجته السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق..
يذكر أن آخر توسعة لمقبرة البقيع زادت مساحتها الإجمالية لتصل إلى ١٨٠ ألف متر مربع. وقد سمي البقيع بـ"بقيع الغرقد" نسبة إلى نبات العوسج، وهو الذى كان، تبعاً للروايات التاريخية، ينتشر فى أرضه.
ولم تكن "بقيع الغرقد" المقبرة الوحيدة فى المدينة المنورة قبل الإسلام، بل هناك عدة مقابر متفرقة، ولم تكن البقيع ذا شأن عن غيرها حتى اتخذها الرسول صلى الله عليه وسلم مقبرة للمسلمين بأمر الله تعالى. وأول من دفن فى المقبرة من المهاجرين عثمان بن مظعون رضى الله عنه.
كان بقيع الغرقد خارج المدينة المنورة تحيط به المزارع من جهات الشمال والجنوب والشرق فيما كان يفصله عن المسجد النبوي مساكن ودور الأغوات.
ويقول عدد من أهالى المدينة المنورة إن من قراءة أوصاف البقيع ومواقع قبور الصحابة والدور التى تحولت إلى مقابر يمكن القول إن بقيع الغرقد كان عبارة عن فضاء لا يتجاوز 80 متراً طولاً ومثله عرضاً، وفى شماله الغربي يقع بقيع العمات حيث قبرا عمتي الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقام عدد من الأتباع والسلف ببناء الأضرحة والقباب على بعض القبور فى البقيع خاصة قبور آل البيت، أسوة بما تم بناؤه فى مصر وغيرها من البلدان الإسلامية. وفى العهد السعودي أزيلت تلك القباب وسويت بالأرض، وتم إنشاء إدارة ملحقة خاصة بالبقيع ملحقة بأمانة المدينة المنورة. وتبلغ مساحة بقيع الغرقد حالياً فى آخر توسعة لها١٨٠ ألف متر مربع.
وهذه المقبرة يقصدها سنوياً كل الحجاج والمعتمرين بالزيارة تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يزورها ويخرج ليلاً ونهاراً ويدعو ويستغفر لأهله. ولذا يشرع لمن قدم المدينة المنورة أن يأتى هذا البقيع ويسلم على أهله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أدعو لهم".
وتشير المصادر التاريخية إلى أن أول من دفن فى تلك البقعة الطاهرة هو الصحابى الجليل عثمان بن مظعون، حيث شارك الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه في ذلك، ثم دفن إلى جانبه إبراهيم بن النبي، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم كثير التردد إلى البقيع والدعاء لأهلها.
ووردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة صحيحة في فضل من يدفن فى "البقيع"، ومن هنا يحرص كل من عاش فى المدينة المنورة أو جاورها أن يدفن فيها. ويقال أيضاً إن أهل هذه المقبرة هم أول من يحشر من مقابر الأرض بعد النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه سيدنا أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وأيضاً أن الله يبعث من أهل بقيع الغرقد سبعين ألفاً وجوههم كالقمر ليلة البدر يدخلون الجنة بلا حساب.