حذر باحثون في الأمن الفكري من خطورة وسائل التقنية الحديثة خاصة الإنترنت والألعاب الإلكترونية، مؤكدين بأنها عوامل تساهم في الانحراف والتطرف بشقيه المتشدد الذي يتبنى العنف، أو المنحل الذي يسعى إلى الانسلاخ من قيم وتقاليد ومعتقدات المجتمع المسلم، مشيرا إلى أن 97% من أطفالنا يمارسون تلك الألعاب الإلكترونية، ومعرضون للتأثر بها.
أكد ذلك الباحث في الأمن الفكري الدكتور فهد بن عبد العزيز الغفيلي، وأضاف أن مركز السحاب الإعلامي التابع لتنظيم القاعدة نشر ما يربو على 100 مادة إعلامية مطبوعة ومسموعة ومرئية خلال العام الماضي 1430هـ ، مشيرا إلى أن هذا المركز يعد من أنشط المراكز الإعلامية التابعة للتنظيمات المتطرفة، والتي يزيد عددها على 54 مركزا إعلامياً معظمها تأسس بغرض تسجيل الحضور وزيادة العدد، وإلا فإنتاجها لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة من تلك المواد المضللة التي تسعى التنظيمات الضالة لإنتاجها، وإعادة بث القديم منها من خلال مواقع الإنترنت المختلفة.
وأشار إلى انتشار استخدام الإنترنت بين الناس بشكلٍ كبير وتزايد أعداد المشتركين في هذه الخدمة سنوياً، حيث تذكر الإحصائيات أن عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة تجاوز 7.7 ملايين مستخدم بنهاية 2009م، وهو ما يمثل 26.8% من عدد السكان الذي يتجاوز ثمانية وعشرين مليون نسمة، بحسب الإحصائيات التقريبية لبعض المراكز العالمية المختصة.
يقول "إذا ما قارنا هذا العدد من المستخدمين مع تعدادهم سنة 2000م حين كان يبلغ مئتي ألف مستخدم، سنجد أن نسبة مستخدمي الإنترنت في المملكة قد نمت وتضاعفت عشرات المرات، وهو مؤشر كبير جداً، ودليل على قوة انجذاب الناس لهذه الوسيلة الإعلامية الحديثة".
ويذكر الدكتور الغفيلي أنه رغم كثرة إيجابيات هذه التقنية التي لا يمكن حصرها.
إلا أن من الآثار السلبية لهذه التقنية الأبرز والأهم في هذا العصر استغلالها من قبل المتطرفين لنشر أفكارهم الهدامة، بل وتعتبر هذه التقنية الأهم بالنسبة للمنتمين للفئات الضالة، حيث إن معظم عمليات ما يسمى بالإرهاب الإلكتروني تنطلق من الإنترنت، ولذا فهي ورغم كونها الأكثر نفعاً إلا أنها الأكثر خطراً.
وأشار إلى أن "من أبرز سلبياتها إمكانية بث أعداد هائلة من الرسائل البريدية المضللة، وضمان وصولها إلى فئات وأجناس متنوعة قد تؤثر في بعض من تصل إليهم، وكذلك من سلبياتها بث الأفكار المضللة من خلال مواقع الفئات الضالة على الإنترنت، ومن خلال المنتديات وغرف الدردشة.
وعن الأغراض التي يستخدم الإرهابيون الإنترنت من أجلها قال الغفيلي "أول الأغراض التنقيب عن المعلومات، حيث يمكن للشخص أن يجد في هذه الشبكة كل ما يحتاج إليه من معلومات، بدءاً بالمشاركات التحريضية البسيطة، وحتى يصل إلى كيفية تصنيع المواد المتفجرة، وثانياً الاتصالات: حيث إن الإنترنت وسيلة رخيصة جداً للتواصل مع الآخرين، بالإضافة إلى تعدد طرق الاتصال وتنوعها بحيث يمكن أن تكون نصية أو صوتية وحتى مرئية، كما يمكن أن تكون مباشرة، أو من خلال تبادل الرسائل بطرق عديدة، والأهم من ذلك كله بالنسبة للجماعات الإرهابية سهولة التخفي وإمكانية تشفير البيانات".
وتابع أن "الأمر الثالث تجنيد إرهابيين جدد أو على الأقل كسب متعاطفين: حيث يمكن لأي شخص الدخول لأي موقع أو منتدى والمشاركة بما يريد محاولاً التأثير على رواد الموقع، دون أن ينكر عليه ذلك أحدٌ، وحتى لو تم رفض أفكاره فستبقى شخصيته غير معروفة، ويمكنه معاودة الدخول مرة أخرى دون أي تحرّج".
وأشار إلى أن "الأمر الرابع المؤازرة الذاتية، وهذه الميزة تستخدم بكثرة في المنتديات وبعض مواقع الإنترنت التي تتيح المشاركة والتعليق بالأسماء المستعارة وهو الشائع، بحيث يمكن للشخص أن يطرح فكرة باسم ما، ثم يدخل باسم آخر، ثم يعزز الفكرة التي طرحها، وهكذا يظهر بأن هناك الكثير من الأشخاص يؤيدون تلك الفكرة، مع أن الواقع خلاف ذلك ومع هذا هناك من ينخدع بمثل تلك الأفعال.
وعن الألعاب الإلكترونية أشار الدكتور الغفيلي إلى دراسة قام بها أوضحت أن 3% فقط ممن شملهم البحث ليس لديهم جهاز ألعاب إلكترونية، وهذا يعني أن 97% من أطفالنا يمارسون تلك الألعاب ومعرضون للتأثر بها، مضيفا أنه لم يعثر لها على إيجابية واحدة تخدم الفكر والعقيدة.
يقول "وجدت أن لها جوانب سلبية كثيرة جداً من أبرزها تربية الأطفال والمراهقين على الأخلاقيات والعادات المناقضة للتعاليم الإسلامية والأعراف وتقاليد المجتمع، كما أنها تحتوي على مشاهد فاضحة، وتزين ممارسة الكثير من الأعمال المحرمة كبيع الخمور وترويج المخدرات ولعب القمار وسرقة السيارات، والأسوأ من ذلك كله أنها تحض على العنف وتجعل مستخدميها متلهفين لممارسته سواء في المنزل أو المدرسة، وقد يكون ذلك دافعاً لبعض المستغرقين في تلك الألعاب للانضمام إلى الفئات الضالة بغرض محاكاة ما تعلمته في اللعبة، وتطبيقه على أرض الواقع.
ونصح أولياء الأمور والأهالي بأن يتنبهوا لذلك، خاصة أن مكمن الخطورة هنا يتمثل في كون تلك الألعاب تدخل المنازل بشكل طبيعي، دون شعور أولياء الأمور بما تحمله من أخطار فكرية ونفسية وجسدية وعصبية.
وقال الغفيلي إن "ما يدعو للطمأنينة أن النسبة العظمى من أطفال ومراهقي المملكة بحسب الدراسة التي أجريتها على مجموعة من الأطفال والمراهقين لا تميل إلى تلك الألعاب العنيفة، حيث جاءت الألعاب الرياضية بالمرتبة الأولى 33%، فيما لا تحظى ألعاب القتال والعنف إلا على 6%، وهذا مؤشر جيد، وإن كان لا يعني بالضرورة أن البقية التي تمثل 94% لا تمارس ألعاب العنف والقتال، فقد يكون العكس، ولكنها ليست خياراً أولاً، وهذا يظهر لنا عدم إدمان الشريحة الكبرى من الأطفال والمراهقين على تلك النوعية من الألعاب العنيفة.