هَلاّ سَأَلْتِ الْـخَيْلَ يَا ابْـنَةَ مَالِكٍ
إِنْ كُنْتِ جَـاهِلَةًًًً بِمَا لَمْ تَعْـلَََمِي
؟؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد ...
يسرني أن أبحر بكم
في شرح تعليمي
لبعضٍ من معلقة :
فارس بني عبس
عنترة بن شداد
يقول :
إِذْ لا أزَالُ عَلَى رِحَالـةِ سَابِـحٍ
نَهْـدٍ تعـاوَرُهُ الكُمـاةُ مُكَلَّـمِ
طَـوْراً يُـجَرَّدُ للطَّعانِ وتَـارَةً
يَأْوِي إلى حَصِدِ القِسِيِّ عَرَمْـرِمِ
يُخْبِـركِ مَنْ شَهَدَ الوَقيعَةَ أنَّنِـي
أَغْشى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَـمِ
ومُـدَّجِجٍ كَـرِهَ الكُماةُ نِزَالَـهُ
لامُمْعـنٍ هَـرَباً ولا مُسْتَسْلِـمِ
جَـادَتْ لهُ كَفِّي بِعاجِلِ طَعْنـةٍ
بِمُثَقَّـفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَـوَّمِ
برَحِيْبَةِ الْفَرْغَيْنِ يَهْدِي جَرْسُهَا
بِالْلَيْلِ مُعْتَسَّ الـذِّئَابِ الضُُّرَّمِ
فَشَكَكْـتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابـهُ
ليـسَ الكَريمُ على القَنا بِمُحَـرَّمِ
فتَـركْتُهُ جَزَرَ السِّبَـاعِ يَنَشْنَـهُ
يَقْضِمْـنَ حُسْنَ بَنانهِ والمِعْصَـمِ
نأتي إلى
شرح بعض ماجاء
في الأبيات
(هلاّ) أداة تحضيض ؛- وهو طلب بالحاح - وفي استعماله إيحاء- من عنترة- بثقته الزائدة في نفسه، وقوة انفعاله . (الخيل) مجاز مرسل ؛ إذ يقصد الفرسان، وعلاقته المحلية ، وبلاغته في إيجازه ، وإشارته إلى أنّ مَنْ يعرفونه هم رُكَّاب الخيل.(ابنة مالك) كناية عن موصوف هو(عبلة) وفيه توقيرواحترام، وفي الشرط تحسُّ بالعتاب لعبلة ؛ أي إنْ ادعيْتِ عدم المعرفة ؛ فالأمر مشهور بين الفرسان . والإجابة التي يتوقعها الشاعر من الفرسان هى: أنْ يقولوا : لم نجد أشجع من عنترة . وهويشيرفي ذلك إلى قوله في موضع آخر :
إِذْْ لا أَزَالُُ عَلَى رَحَالَةِ سَابِـحٍ
نَهْـدٍ تَعَـاوَرَه الْكُمَـاةُ مُكَـلََّّمِ
(سابح) صفة لموصوف محذوف ، بغرض تقوية الوصف ، كذلك نهدٍ .(تعاوره الكماة) كناية عن صفة الجَلَد والصبر. وفي استعمال الفعل (تعاور)-على وزن تفاعل- إضافة بلاغية ، توحي بأهمية ، وشجاعة عنترة في المعركة قوله :
يدعون عنتره والرماح كأنها ** أشطان بئر في لبان الأدهم
مصوراً الرماح ، كما حبال البئر المتدلية التي تأخذ الدماء من جسد حصانه . وهو يشبه قول امرئ القيس :
وقد أغتدي والطير في وُكُناتها
بمنجردٍ قَيدِ الأوآبدِ كيهل
إلى آخر ماقال
في وصف الجواد الأصيل
وبالرجوع إلى قول عنترة في البيت الأول إشارة ؛ لصمود حصانه – خصوصاً- مع استعمال (لا أزال)، التي تفيد الاستمرار. مكلَّم أقوى دلالة من مكلوم ؛ لأنها تشير إلى الكثرة ، والكثرة بدورها تؤكد الجلد والصبر .
نثر البيت : لسان حالي يقول -على الدوام – وباستمرار : أنا ممتطٍ جوادي ذاك السريع ، الذي يطير في الفضاء ، والضخم الجَلِد الذي يصمد أمام الأعداء ، رغم أنَّ الفرسان يتبادلونه بالطعن ، ويجرَّحُوْنُهُ جروحاً غائرة كثيره .
طَوْرَاًً يُجَـرَّدُ لِلْطِّعَـانِ وَتَارَةًً
يـَأْوِي إِلَى حَـصِدِ الْقِسِي عَرَمْرَمِ
(يجرد) حذف الفاعل ؛ للعلم به .( يجرد للطعان ) كناية عن الهجوم والإقبال على الأعداء (الكرّ) .(يأوي إلى حصد القسي) كناية عن التراجع والاحتماء(الفر) . ومنها تصل إلى أنَّ فرسه يجيد الكرَّوالفرَّ.(حصد القسى) مجاز مرسل ، علاقته الحالية ؛ فالمراد قومه ، فأشار إلى ما يحملونه وهو القسي . وهو الموضع الوحيد- في هذه الأبيات - الذي يشير فيه الشاعر إلى قومه مفتخراً .
نثر البيت :حيناً يُهيأ فرسي لمواجهة الأعداء ، ومقاتلتهم فاركضُ به ، وحيناً - لمقتضيات المعركة - ألوذ بقومي أصحاب النبال الكثيرة ؛ فاعود أكثر قوة .
********