إرتبط حمام الحرم بمكة المكرمة وبالمدينة المنورة منذ هجرة النبي محمد صلى
الله عليه وسلم، وظل على مدار مئات السنين يحظى بمعاملة خاصة من أهل مكة
والمدينة وجميع قاصدي بيت الله الحرام. فعلى مدى سنوات طويلة إلى ما قبل
التوسعة الأخيرة كان المصلون والزوار والحجاج والطائفون يرون حمام الحرم
المكي بلونه المعروف والذي يميل إلى الأبيض والأسود مع لون "أخضر" أسفل
الرقبة يشاركهم طوال فترة بقائهم في الحرم خاصة في فترة النهار وزاد من ذلك
قيام بعض أهالي مكة والزوار باصطحاب البذور "الحَب" لتقديمه للحمام كسبا
للأجر ولما كانت هناك فراغات تسمى "الحصاوي" لوجود قطع الحجار الصغيرة على
مساحاتها يصلي عليها الناس اصبح تواجد الحمام دائما لتزوده من الطعام الذي
يقدم له من المصلين ويرمى داخل هذه "الحصاوي".
رأي العلماء في طيور الحرم
يقول الأمام السيوطي أن أصل حمام الحرم من الحمامتين اللتين عشعشتا على
الغار اثناء هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فكان جزائمها ان يعيشا وذريتهما
آمنين في الحرم ويقال إنه من نسل طير "ابابيل" الذي أرسله الله لهلاك
ابرهه وفيله عندما أراد تحطيم الكعبة المشرفة. أما العالم الراحل محمد طاهر
الكردي ابن مكة المكرمة ومؤلف تاريخ مكة المكرمة فقد بقي فترة طويلة يتردد
على الحرم المكي وهو من سكان الأحياء القريبة منه لاثبات أو نفي وقوف
الحمام على الكعبة واستطاع أن "يوثق" بعدسته الخاصة وقوف الحمام على
"الميزاب" ونشر ذلك في أحد أجزاء كتابه عن مكة المكرمة،(البلاد أجرت الحديث
الوحيد في عام 1398هـ مع الشيخ الكردي).
حرمة الصيد داخل حدود الحرم
في مجموع فتاوى العلامة محمد ابن عثيمين {22/ 230، 231}، فالطيور داخل
حدود الحرم لا يجوز صيدها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين فتح مكة:
{لا ينفر صيدها} أي مكة، وإذا منع من التنفير فالقتل أولى ، وقال عز وجل:
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ
حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ
مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ
الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ
صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ
عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ}
المائدة: 95، وقال عز وجل: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ
مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ
مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} المائدة: 96.
طيور مكة تبني لها اعشاش في قلوب الناس
هُناك قول أو شعر واسع الانتشار يردده الناس في مكة والمدينة يصف أهلها
بأحسن أنواع الحمام، ويقول: " اهل مكة حمام واهل المدينة قماري..واهل جدة
غزال والطايف اهله كناري". وقد وردت ايضًا العديد من الأبيات الشعرية التي
تغنى بها الشعراء في حمام الحرم، فللشاعر الكبير بيرم التونسي قصيدة شهيرة
جاء على ذكر حمام الحرم في بعض أبياتها: "فوقنا حمام الحمى..عدد نجوم
السما..طاير علينا يطوف..ألوف تتابع ألوف..طاير يهني الضيوف..بالعفو
والمرحمة..واللي نظم سيره..واحد مفيش غيره". وهكذا تمكنَ هذا الحمام
الجميل، الرائع حين يطير، والرشيق حين يمشي، من بناء أعشاش امنه وهادئة في
مساحات شاسعة من قلوب المُسلمين ليصل الى اللسان العربي الشعبي: "آمن من
حمام الحرم وآلف من حمام مكة".
لمشاهدة الفيديو..يرجى التفضل بزيارة الرابط التالي: