لما رُزق موسى النبوة و الرسالة دعى ربه ليشد عضده بأخية قائلا كلمة من أعظم
الكلمات التي ينبغي أن يقف أمامها القادة و المصلحون
قال " وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي "
و برغم أن اتباع هارون لموسى كان أمرا بديهيا ومتوقعا إلا أن موسى عليه السلام
أراده شريكا و معضدا و ليس فقط تابعا ومؤيدا
ولما طُلب من ذي القرنين أن يجعل سدا بين القوم و بين أعدائهم لم يسارع بذلك ،
رغم قدرته وهو الذى أوتى من كل شىء سببا ،
يمكنك أن تقول إنه لم يعطهم سمكا ، ولكنه علمهم كيف يصطادونه بأنفسهم
لقد قال لهم و هو المُمَكَّن القوى : " فأعينونى بقوة أجعل بينكم و بينهم ردما " ،
ثم هو لم يكتف بذلك، وما زال بهم حتي علمهم صناعة سبيكة الحديد و النحاس ،
و أطلعهم على سر بناء السد المتين ، الذى يصمد ويقوي علي حجز يأجوج و
مأجوج ،
و هكذا القائد المتجرد النصوح ،
ليست قضيته أن يظل الأتباع عالقين به ، لا يتحركون إلا بأمره ، و لا يرون في
الكون غيره و إنما يعنيه أن تكون لديهم القدرة على العمل و الحركة و التغيير و
البناء.
به أو بدونه..
فإنه فى النهاية ميت ، وإنهم ميتون.
لا بأس من وجود القادة والرموز،
بل لا غنى عن وجودهم ،
لكن لا يصح أبدا أن تتمحور الحياة فقط حولهم ، وتختزل في أشخاصهم حتى
يتحولوا فى ميادين النفس إلى أوثان كبيرة ، تنتهى إليها الأحداث ، و تدور فى فلكها الوقائع ،
ليكن القادة ،
وليحترموا ، و ليقدروا ، ما داموا على الجادة ،
لكن الأهم أن تكون الأفكار ، و الرؤى، و المناهج ،والمؤسسات معهم و إلى جوارهم ، وبمحاذاتهم
و ليحاكم كل ذلك إلى موقعه من موافقة الحق أو مخالفته ، فى إطار الأصل الجامع ، و المبدأ العام؛
مبدأ : إنك ميت وإنهم ميتون ،
و أن الحق هو الحى الذى لا يموت
=============================================