نظم مركز الشارقة العالمي للطب الشمولي ندوة طبية عن “الحجامة بين الحقيقة العلمية والفائدة الصحية” استضاف فيها الدكتور عبدالله نصرت اختصاصي الجراحة العامة وجراحة الأوعية الدموية الطبيب الزائر من المملكة العربية السعودية والمتخصص أيضاً بمجال الطب التكميلي . شهد الندوة الشيخ محمد بن صقر القاسمي وكيل وزارة الصحة المساعد مدير منطقة الشارقة الطبية وفيصل المدفع مدير إدارة التراخيص الطبية في منطقة الشارقة الطبية، وعدد من الأطباء واختصاصيي الطب التكميلي، وسامي العكوز ممثل الأمير عبد العزيز بن متعب آل سعود رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للأوزون .
ركز الدكتور عبدالله خلال المحاضرة على محورين أساسيين، أولهما الحقائق العلمية الأساسية عن الحجامة من حيث المرجعية العلمية فيها والفوائد الصحية لاستخراج الشوارد الحرة وتأثيره الإيجابي في كل الوظائف الحيوية بالجسم، فيما تناول الثاني دور الحجامة في الوقاية والمساعدة في علاج الذبحة الصدرية عن طريق استخراج الشوارد الحرة والتي تثقل كاهل الدورة الدموية وتؤثر سلباً في وظائف الأعضاء الحيوية عامة والقلب خاصة .
وأظهر هذا العرض دور الحجامة في أن تكون عاملاً مساعداً لأطباء وجراحي القلب في تقديم المساعدة الطبية لمرضى القلب حسب الحالة الطبية، مع اعتمادها مبدأ أساسياً للمساعدة على علاج الحالة وليس بديلاً عن الطب الحديث بأي حال من الأحوال .
وأكد الدكتور عبدالله نصرت أن الحجامة الطبية إذا أجريت بطريقة صحيحة وعلمية فان فوائدها الصحية تكون مميزة، مشيراً إلى الجوانب الطبية التي تخص الحجامة وتكاملها مع الطب الحديث، ومنوها في الوقت نفسه بضرورة التركيز والاهتمام بالجانب البحثي والذي مازال ينقص الحجامة خاصة والطب التكميلي عامة .
من جانبه قال الدكتور هيمن النحال اختصاصي الطب التكميلي ومدير عام مركز الشارقة العالمي للطب الشمولي، إن المركز يحرص من خلال برامجه العلمية والتوعوية على إلقاء الضوء على الأهمية العلمية للحجامة، مشيراً إلى أن سياسة المركز مبنية على استقطاب كل ما هو جديد في مجال الحجامة خاصة والطب التكميلي عامة .
وأضاف أن احد أهم أهداف هذه البرامج العلمية هو اثبات المغالطات الكثيرة في الحجامة الطبية التي أساءت للحجامة وأيضاً إلقاء الضوء على كل ما هو جديد في عالم الحجامة والمبني على أسس علمية ومنهجية .
وأشاد النحال بالدور الذي تضطلع به وزارة الصحة وجميع العاملين فيها في دعم الطب التكميلي عامة والحجامة خاصة، وشكر الشيخ محمد بن صقر القاسمي مدير منطقة الشارقة الطبية لرعايته وحضوره الندوة ودعمه للمجال الطبي على مستوى الدولة عامة والشارقة خاصة .
عامل مساعد
وقال الدكتور هيمن النحال اختصاصي الطب التكميلي وسفير المنظمة الدولية للطب الطبيعي إن الحجامة هي عامل مساعد لعلاج الكثير من الأمراض، وليس لها دور كبير في الأمراض المزمنة كالسرطان والضغط والسكري ولكن تساعد على تقليل مضاعفاتها .
واشار إلى ظهور مغالطات كثيرة في أنها تشفي الكثير من الأمراض، لكنه قال إنها تساعد في علاج بعض الأمراض كالصداع النصفي والتشنجات العصبية والقولون ومشكلات الإنجاب وتساقط الشعر والأكزيما وغيرها من الأمراض .
وثمن الدكتور هيمن خلال المحاضرة جهود الدكتور عبدالله المبذولة في شرح استخراج “الشوارد حرة” وهي الفضلات المنتجة من العمليات الايضية وليس كما يشاع أنها دم فاسد، وأن عملية استخراجها تؤدي إلى تأثير إيجابي في الأعضاء الداخلية وبالأخص عضلة القلب، إذا كانت نسبة السموم والشوارد فيه زائدة ونسبة الأكسجين قليلة .
أما عن الفائدة الصحية لعملية استخراج الشوارد الحرة فقال أنها تؤدي إلى تحسين الدورة الدموية وزيادة تحفيز العمليات الأيضية بالجسم، واستخراج البروستاجلاندين الذي يسبب الألم بالجسم من الخلايا المتهالكة يؤدي إلى تسكين الألم، أيضاً إفراز هرمون الاندروفين الذي يعتبر مسكناً طبيعياً ويفرز كرد فعل لعملية التشريط، ويؤثر ارتباط الحجامة بسطح الجلد والأعضاء الداخلية كل ما قبل أو كلما ذكر له علاقة بآلية عمل الحجامة وتأثير ذلك إيجابياً على حالة المريض .
وذكر أن هذه التقنية تطبق فقط في المملكة العربية السعودية، ولا تستخدم في الحالات الحادة ولكن عند التحسن تعمل لمنع المضاعفات، أما في الحالات الحادة فيجب الذهاب إلى المستشفى والمساعدة في عدم تطور الذبحة والجلطة، مؤكداً أن الحجامة الطبية والتي تجرى تحت اشراف طبي وأسلوب منهجي وتكون نتائجها رائعة ومميزة، وأهم ما فيها التشخيص الصحيح لذا لابد أن يكون المعالج طبيباً أو أن تجرى تحت إشراف طبي وإذا لم يتم التشخيص بشكل صحيح فلن تتم معرفة المواضع الصحيحة لعمل الحجامة .
وأشار الدكتور هيمن إلى أن الحجامة عبارة عن عملية جراحية مصغرة وليس عملية بسيطة كما يشاع وليست عملية عشوائية، ومن الضروري إجراؤها في أجواء صحية بنسبة 100% لمنع حدوث العدوى أو المشكلات الصحية التي تنتج عن الحجامة محدثة مضاعفات، وأكدت التقارير وجود انتقال عدوى الكبد الوبائي والإيدز نتيجة عدم التعقيم وعدم استخدام مشارط معقمة وقد يحدث تمزق الأنسجة للاستخدام غير الصحيح، أو التشريط العميق الذي يترك أثراً بالجسم، والحجامة الصحيحة لا تترك أي ندبات على الجلد ويتحدد ذلك بناء على شكل وطريقة وعمق التشريط، لأنه يجب خدش الشعيرات الدموية وليس الشرايين أو الأوردة، لتحفيز الجهاز العصبي .
ولفت إلى أن وزارة الصحة بدولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر الأولى عربياً في إنشاء لجنة لتقييم مختصي الحجامة والطب التكميلي ومنحهم التراخيص الطبية اللازمة لمزاولة المهنة حتى تكون الممارسات مبنية على أسس علمية ومنهجية وتحت إشراف الكوادر الطبية المختلفة، حيث انه في بعض البلدان تتداول الحجامة على نطاق واسع في البيوت وصالونات التجميل وفي أماكن غير صحية .
ولخص الدكتور هيمن بأن الحجامة لا تلغي دور الطب الحديث كما يقول بعض فلاسفة الحجامة، بل هي مكملة لدوره ورافداً قوياً لعمل الأطباء شريطة أخذ المحاذير الطبية الكاملة قبل وبعد الحجامة، وعدم المبالغة في دور الحجامة واعتماد المنهجية في العلاج باختيار المواضع الصحيحة حسب الحالة الصحية وتجنب إحداث أي نوع من المضاعفات حينها .
الحجامة والطب الحديث
والحجامة كما هو معروف، هي عملية سحب للدم أو امتصاصه من سطح الجلد باستخدام كؤوس الهواء من دون إحداث خدوش سطحية أو عن طريق إحداث خدوش سطحية للشعيرات الدموية بالجلد بغرض إخراج الأخلاط الدموية والشوارد الحرة وليس الدم الفاسد كما يشاع .
ويعد العلاج بالحجامة من أقدم الفنون العلاجية التي عرفها الإنسان في العديد من المجتمعات البشرية من مصر القديمة غرباً والتي عرفتها منذ 2200 ق .م وتوجد لها رسوم منقوشة على جدران مقبرة الملك توت عنخ آمون وعلى معبد كوم امبوا أكبر مستشفى في ذلك العصر، مروراً بالآشوريين عام 3300 ق .م إلى الصين شرقاً وفي اليونان من 502 إلى 575 ميلادية استخدم هذا النوع من العلاج الكثير من الأطباء وبخاصة في عهد ابقراط أبو الطب اليوناني .
وحث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الناس عليها ومن الأحاديث الصحيحة في الحجامة قوله صلى الله عليه وسلم “خير ما تداويتم به الحجامة”، ومن أفضل أيام لعمل الحجامة هم ،17 و19 و21 بالشهر العربي ولكن ما حُرمت أو امتنعت في غير أيامها، هي أفضل أيام لها ولكنها ليست الأيام الوحيدة، وفي الدولة الإسلامية كانت أحد أهم العلاجات وكان محمد بن زكريا الرازي 860 - 932م أحد رواد الطب الذي تحدث عن أهمية الحجامة، وذكر ابن سينا الحجامة 980 - 1037م في كتابه الشهير القانون في الطب .
فوائد الحجامة
وعن فوائد الحجامة قالت صفاء جودي أبوحسن، معالجة بالحجامة، إنها لا تعالج مرضاً بعينه بشكل أساسي إنما تساعد في علاج الأمراض، ولذلك فهي مساعدة للطب التقليدي والطب الحديث ومكملة له ولا تحل محله، وتقوم بالمساعدة في علاج بعض الأمراض مثل أمراض العظام كالروماتيزم وعرق النساء وآلام الرقبة والأكتاف والشقيقة والصداع والجيوب الأنفية، أما بالنسبة لأمراض الجهاز التناسلي الأنثوي فإن الحجامة تساعد على تنشيط المبايض، وتساعد على تنظيم الدورة الشهرية والهرمونات .
وقالت إن الحجامة تقوم بتنشيط الدورة الدموية واستخراج الشوارد الحرة والأخلاط الدموية وآثار الأدوية، وتنشيط وإثارة أماكن ردود الفعل ومراكز الحركة بالجسم، وتنشيط العمليات الحيوية في طبقات الأنسجة الجلدية عن طريق امتصاص السموم وآثار الأدوية من الجسم، وتسليك مسارات الطاقة وإعادة الحيوية، إضافة إلى تقوية المناعة العامة للجسم وذلك بإثارة غدة الثايموس أمام عظمة القص، كذلك تسكين الألم عن طريق استخراج البروستاجلاندين .
كما تثير الحجامة المواد المضادة للأكسدة وتحفزها، وتقلل نسبة الكولسترول الضارLDL وترفع نسبة الكولسترول النافع بالدم HDL، وتسهم في زيادة نسبة المورفين الطبيعي بالجسم، وتعمل على تنشيط عمل الغدد وتنظيم الهرمونات وبخاصة عند إجراء الحجامة عند الفقرة السابعة من الفقرات العنقية .
آلية عمل الحجامة
وعن الآلية الطبية لعمل الحجامة بالجسم قالت صفاء، توجد عدة نظريات تفسر عمل الحجامة، وحتى يومنا هذا مازال البحث جارياً في أوروبا والصين والعديد من دول العالم لتفسير عمل الحجامة بالجسم ومنها:
- أولاً: الحجامة ودورها المسكن للألم .
- ثانياً: الحجامة ودورها في تخلص الجسم من الشوارد الحرة .
- ثالثاً: المحافظة على توازن وظائف الأعضاء وانتظامها .
- رابعاً: تنشيط الجهاز المناعي .
- خامساً: الدور المهدئ للحجامة .
- سادساً: تنشيط الدورة الدموية .
أنواع الحجامة
وعن أنواع الحجامة أوضحت صفاء أن هناك أنواع عدة للحجامة، فمنها الجافة والرطبة والمتزحلقة، وأكثرها فائدة هي الحجامة الرطبة التي أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم .
في ما يلي شرح لأنواع الحجامة:
* الحجامة الجافة: هي حجامة تتم بالحد الأدنى للشفط من الكأس بحيث يرتفع الجلد وأنسجته داخل الكأس بدرجة بسيطة، ويحدث هذا الشد تحفيزاً للأنسجة العميقة تحت الجلد محدثاً كدمة بسيطة، وفائدة هذا النوع من الحجامة لتخفيف الألم والاحتقان وفي حالات ركود الدورة الدموية، وتعتبر أيضاً الخطوة الأولى للحجامة الرطبة ويمكن أن تجري لوحدها أيضاً .
* الحجامة الرطبة: هي الحجامة الأكثر انتشاراً، ويتم إحداث خدوش سطحية في سطح الجلد لاستخراج الدم من الشعيرات الدموية وتعمل الحجامة الرطبة على تخفيف الألم وتنشيط الدورة الدموية والتخلص من الشوارد الحرة .
* الحجامة المتزحلقة: وهي عملية تدليك ولكن باستخدام بعض الزيوت مثل زيت بذر الكتان مع كاسات الحجامة ويمكن استخدامها كإعداد للحجامة الدموية عن طريق تنشيط هذه المنطقة وتكون حركة الكاسات حركة دائرية عكس عقارب الساعة .
* ومن الأنواع الأخرى للحجامة: الحجامة المائية وحجامة البامبو وحجامة المغناطيس وحجامة الإبر الصينية .
محظورات الحجامة:
أشارت المعالجة صفاء إلى وجود محظورات يجب مراعاتها قبل عمل الحجامة، وهي:
1- ارتفاع درجة حرارة الجسم وفي حالات الإنفلونزا والبرد الشديد .
2- مرضى الفشل الكلوي .
3- مرضى الهيموفيليا “نقص أحد عوامل التجلط من مكونات الدم”
4- وجود جهاز تنظيم ضربات القلب بجسم المريض .
5- انخفاض ضغط الدم وحالات الأنيميا الحادة وخلال الدورة الشهرية والمتبرع بالدم حديثاً .
6- الخوف الزائد والتوتر للخوف من حدوث vasovagal attack .
7- يمنع التشريط فوق الدوالي مباشرة وتكون بجانب الدوالي وبحذر شديد .
8- يمنع على المرأة الحامل في أول ثلاثة شهور عمل الحجامة .
9- أيضاً المرضى اللذين خضعوا لتركيب جهاز بالقلب والمصابون بالفشل كلوي، والنساء في أول يومين من الدورة الشهرية وأصحاب الضغط المنخفض جداً .
إجراءات قبل وبعد الحجامة
وعن الإجراءات التي يتبعها المريض قبل الحجامة أشارت صفاء إلى أنه يجب أن يصوم من 2-3 ساعات قبل إجرائها كي تكون خالية، لأنه يمكن مع الخوف والقلق أن يستفرغ المريض، وإذا كان يتناول أدوية لسيولة الدم يجب أن يوقفها من يومين إلى ثلاثة أيام ولا يقطع أي نوع من الدواء أو علاج غير الأسبرين .
أما بعد الحجامة فيجب الامتناع عن اللحوم والدجاج لمدة ثلاثة أيام، والحليب ومشتقاته لمدة يوم واحد، لأن هذه المنتجات تحتوي على بروتينات حيوانية، وهضمهما يتطلب وقتاً، كما أن المعدة تحتاج إلى كمية أكبر من الدم لإتمام عملية الهضم وهذا يزيد الضغط على المعدة مما يؤدي إلى إرهاق المريض، كما يجب الامتناع عن الجماع بين الزوجين لمدة 24 ساعة، والامتناع عن ممارسة الرياضة العنيفة لمدة يوم واحد، وتناول الطعام الصحي كالأسماك المشوية والخضروات والعصائر .
وقالت إن الكشف يتم من خلال التحقق من الضغط والسكري ومعرفة التاريخ المرضي ويجب معرفة إذا كان هناك أي أمراض بالدم أو أي مشكلات صحية أخرى، ويجب أن يكون الفرق بين الجلسة والأخرى شهراً واحداً، وتعتمد مواضع الحجامة حسب التاريخ المرضي وبناء على المرض الذي يعاني منه نضع الكأس، فالفقرات بالعمود الفقري عبارة عن سلسلة متصلة بالأعضاء الداخلية، فمثلاً إذا كان يعاني الشخص من القولون يتم البحث عن الأعصاب الموصولة به، وشبكة الأعصاب الموصولة بالظهر والتي تعد أساساً لأي مرض، ومن ثم أماكن الألم التي يعاني منها المريض.
دمتم سالمين .