إنّ نتيجةَ التعرّضِ الملحِّ لمظاهرِ الإباحيّةِ، تأتي في الغالبِ ضدَّ الضميرِ وضدَّ العقل، وبهذا تجدُ غالبيّةَ المراهقينَ ينخرطونَ في الهلوسةِ الجنسيّة، واتّباعِ الموضاتِ الفاضحة، واستخدامِ الألفاظِ النابية.. ولكي يستريحَ المراهقُ من تأنيبِ ضميرِه، فإنّه يعمدُ إلى مصاحبةِ ومصادقةِ من هم على شاكلتِه، الذينَ يُشعرونه بأنَّ مثلَ هذه الأفعالِ والأقوالِ هي الصوابُ بعينِه، بدلا من مصاحبةِ العقلاءِ والملتزمين، الذينَ يُمطرونه بالنصائحِ والتأنيبِ باستمرار.
و هذا النمطُ يجعلُ التافهينَ يزدادونَ تفاهةً مع الوقت، فهم يتقدّمونَ في العمرِ ولا يتقّدمونَ في المعرفة، وكلُّ مشاهداتِهم ونقاشاتِهم وتعليقاتِهم ونِكاتِهم تلفُّ وتدورُ حولَ العلاقةِ بينِ الجنسينِ في جانبٍ واحدٍ فقط منها: جانبِ الجسد.
كما أنّ تجاهلَ الضميرِ المستمرَّ يجعلُ التدرّجَ في الخطإِ أمرًا يسيرًا، فالأخطاءُ أشبهُ ما تكونُ بمنحدرٍ زَلِق، التراجعُ فيه عسيرٌ، بينما التمادي لا يحتاجُ لأدنى مجهود.. إنّكَ تتركُ نفسَك تسقطُ فقط!
إنّ تعرّضِ المراهقينَ لضغوطِ الإباحيّةِ المتواصلةِ على شهواتِهم، يؤدي إلى أن تتفشّى بينَهم (أعراضٌ) ثابتةٌ، كأنّهم أصيبوا بجرثومةٍ تكادُ لا تخضعُ لعواملِ التطوّرِ مع الزمن، ولا تختلفُ من مكانٍ لآخر.
ومن هذه الأعراض:
- الاهتمامُ المفرطُ بالمظهرِ، على حسابِ الجوهر.
- اتّباعُ الموضاتِ العجيبة، في الملابسِ وقصّاتِ الشعرِ وخلافِهما.
- الجريُ وراءَ الشعاراتِ الجديدةِ مهما كانت، وتقليدُ كلِّ ما يأتي من الغربِ لفظًا وشكلا ونمطَ حياة، اعتقادًا من الشابِّ أنَّ هذا هو ما يمنحُه القيمةَ والتحضّرَ، ويجعلُه (مودرن) و(سبور) وملفتًا للأنظار!!
- التلذّذُ باستعمالِ الألفاظِ النابيةِ والقبيحة، والشتائمِ التي تبدأُ بـ: يا بن الـ …، وتكتملُ بكلمةٍ جنسية، وسبُّ الدين، فترى الشابَّ من هؤلاءِ يتعمّدُ اختيارَ مثلِ تلك الألفاظِ والشتائمِ ليشعرَ بأنّه خشنٌ و(صايعٌ)، يُخيفُ مَن أمامَه، ويجبرُه على (احترامِه)!!
- سماعُ الأغاني الهابطة، والرقصُ الهستيري.
- الابتعادُ عن الدين، وإهمالُ فروضِه، وجهلُ أساسيّاتِه وتاريخِه.
- الاستهتارُ بقيمِ المجتمعِ ونصائحِ الحكماءِ، وعدمُ احترامِ الآباءِ والمدرّسين، في جوٍّ عامٍّ من الاستهتارِ وتحطّمِ الرموز.
- إهمالُ الدراسة.
- ضحالةُ المعرفةِ والثقافة.
- تعليقُ صورِ الممثلاتِ والراقصاتِ العاريةِ أو الفاضحةِ على حوائطِ الحجرة.
- متابعةُ كلِّ ما يثيرُ الغرائزَ: في التلفازِ والفيديو والسينما، والمجلاتِ والرواياتِ والكتب..
- تناقلُ الصورِ والأفلامِ الإباحيّة.
- الدخولُ في المناقشاتِ المطوّلةِ حولَ الشهوةِ والجنسِ والفضائحِ والنكاتِ الإباحية.
- تدخينُ السجائر، وغالبًا ما يتطوّرُ الأمرُ إلى شربِ البانجو والحشيشِ والحبوبِ المخدّرةِ والخمورِ … إلخ.
- حملُ مطواةٍ أو خنجرٍ أو ما إلى ذلك.
- الإفراطُ في ممارسةِ العادةِ السرّيّة، وأحيانًا بصورةٍ علنيّةٍ لإثباتِ الفحولة.
- معاكسةُ الفتياتِ ومحاولةُ استمالتِهنّ.. وبالنسبةِ للفتياتِ فإنّهنَّ يلجأنَ للملابسِ الفاضحةِ والمشيةِ الخليعةِ والضحكاتِ المثيرةِ والنظراتِ المغريةِ لاجتذابِ الفتية.
- رسائلُ الغرامِ ومعاكساتُ الهاتف.
- الدخولُ في قصصِ حبٍّ وهميّة، لا يفترقُ الحبُّ فيها عن الجنس، يقومُ الإعجابُ فيها على مقوّماتِ الجسد.. ويمكنُكَ أن تتابعَ هذه القصصَ (الملتهبةَ) في الحدائقِ العامّةِ وعلى الكورنيشِ وفوقَ الكباري وفي الملاهي والمراقصِ وصالاتِ الديسكو.
- قد يتطوّرُ الأمرُ إلى الزنا.
- و قد يتطوّرُ إلى (الزنا اللا عرفي)، الذي اشتُهرَ خطأً باسمِ (الزواجِ العرفي) والذي يتمُّ بهدفِ إشباعِ الشهوة.. حيثُ تُعطي كلمةُ "الزواج" في هذه الحالةِ، مسكّنًا قويًّا لبقايا الضميرِ، وهو بالتاكيدِ ليس زواجًا، فهو لم يستكملْ أركانَ الزواجِ الشرعيّةَ وأهمُّها نيّةُ الدوامِ والإشهار، كما أنّه ليس عُرفيًّا، فالعُرفُ لا يُقرُّه، ولا يعترفُ به الآباء، بل يعتبرونه فضيحةً وعارًا!
- وفي كلِّ الأحوالِ يتمُّ النظرُ إلى الزواجِ باعتبارِه السعادةَ المقطّرة، والحلَّ السحريَّ لكلِّ مشاكلِهم ـ وهي لا تتعدّى الشهوة!
وأنا مضطرٌّ للاكتفاءِ بهذا القدر، وعلى من يريدُ الاستزادةَ أن يخرجَ للشوارعِ والحدائقِ العامّةِ والمدارسِ والجامعات!!.. أو على الأقلِّ فلينْظرْ في المرآةِ، فقليلونَ جدًّا ممن يَحيَونَ في مجتمعِنا هم الذين عصمهم ضميرُهم أو عقلُهم عن تضييعِ أهمِّ فتراتِ حياتِهم في هذا الهلس، حتّى لو اضطُرّوا لمعاناةِ الكبتِ والضيقِ، نتيجةً لأنَّ كلَّ ما حولَهم يثيرُ شهواتِهم، وبالتأكيدِ لا يتناسبُ مع مبادئِهم، ولا الصورةِ التي يتمنّونَها لمجتمعِهم!