قام
بإعداده مجموعة من كبار الاقتصاديين المتخصصين في القوى العاملة، تفسيرا
مختلفا لهذه الظاهرة. يعتمد الكتاب على نتائج مشروع بحثي استغرق إجراؤه
عامين، ويدرس بيانات عن العمل في فرنسا، ألمانيا، هولندا، بريطانيا،
والولايات المتحدة. يخلص البحث إلى أن السبب في وجود 25 مليون عاطل عن
العمل في أوروبا يكاد يقتصر على النقص النسبي في وظائف الخدمات.
إذا فجوة الوظائف هي في الأصل فجوة في الخدمات، إلا أن الكتاب يطرح
سؤالا عن السبب الذي يجعل الولايات المتحدة تستهلك الخدمات بهذا القدر
الكبير مقارنة بأوروبا؟ يعد هذا الكتاب أول كتاب يعقد مقارنة منظمة وشاملة
في موضوعه بين الولايات المتحدة وأوروبا.
يتناول الكتاب الدور المحتمل الذي تلعبه الاختلافات في تقديم خدمات
معينة، خاصة في مجال الرعاية الصحية والتعليم في أوروبا والولايات المتحدة.
يستعرض الكتاب الاعتقاد السائد بأن الأمريكيين أكثر استهلاكا للخدمات
لأن دخلهم أعلى، كما يطرح الكتاب تساؤلا عما إذا كانت الاختلافات في قطاع
الخدمات بين الولايات المتحدة وأوروبا تلخص الاختلافات الأساسية في اختيار
أسلوب الحياة بين هاتين الحضارتين.
لا تتعلق الفجوة في معدلات التوظيف بين الولايات المتحدة وأوروبا بعدد
الوظائف المتاحة فقط، وإنما أيضا بعدد ساعات العمل الأسبوعية وعدد أسابيع
العمل في العام. فالأمريكيون متفوقون في هذا الصدد على الأوروبيين، حيث يصل
متوسط عدد ساعات العمل الأسبوعية للأمريكيين إلى 25.1 ساعة، بينما يعمل
الألمان بمتوسط 18 ساعة أسبوعيا والفرنسيون 17.4.
يستعرض الكتاب تفسيرين مشهورين لتزايد أهمية الدور الذي تلعبه الخدمات
في الاقتصاد الحديث: الأول هو "هرم الاحتياجات"، الذي يشير إلى زيادة
الإقبال على استهلاك الخدمات كلما زاد الدخل، والثاني هو "تأثير باومول"،
نسبة لعالم الاقتصاد الذي وضع هذه النظرية، وتقول هذه النظرية إن تطور
تكنولوجيات عمليات الإنتاج والتصنيع يؤدي إلى قلة عدد العاملين في هذه
المجالات وارتفاع أجورهم، ما ينتج عنه تركيز نسبة أكبر من الإنفاق والتوظيف
على قطاع الخدمات.
يحلل الكتاب تأثير الطلب في التوظيف باستخدام إطار المدخلات والمخرجات
في الولايات المتحدة والدول الخمس الأوروبية محل الدراسة. يعتمد هذا
التحليل على فكرة فرص العمل التي يقدمها الاقتصاد في تقديم كل منتج أو سلعة
عبر مراحل الإنتاج المختلفة وحتى مرحلة الطلب.